لا يزال النظام السوري سادرًا في غيّه مستهترًا بكل القيم والأعراف والمواثيق والشرائع السماوية وهو يسفك الدم السوري دون مخافة من عقاب أو زجر، وبلغت قمة وحشيته بارتكابه أمس الأول لمجزرة "في ريف حماة" التي راح ضحيتها أكثر من 200 شخص ولم يتحرك الضمير الدولي إلا بالإدانة والشجب. وهكذا رد فعل قطعًا يلاقي هوى لدى النظام السوري القمعي ويتمشى تمامًا مع خططه القائمة على القتل وسفك الدم والتهجير والتدمير وحرق الأراضي وهدم البيوت على رؤوس ساكنيها من أجل أن يستمر في الحكم رغمًا عن الرفض الشعبى العارم له. وثمة سؤال مشروع.. لماذا لا يأبه نظام بشار بالأساس للعواقب المترتبة على أفعاله وجرائمه، ولماذا لا يضعها في حسبانه؟ والإجابة؛ لأنه يجد مجتمعًا دوليًا خائرًا وإرادة سياسية أممية ضعيفة وموقفًا صينيًا- روسيًا- إيرانيًا مساندًا للعدوان السوري على الشعب وموفرًا له الأسلحة والمروحيات والصواريخ والإسناد الدبلوماسي، وإذا كان الموقف بهذا الشكل فلا بد من تحرك فعال يقطع الطريق أمام الأسد وأنصاره بتفعيل البند السابع بغض النظر عن موقف ورؤية موسكو وتسليح الجيش السوري الحر؛ لأن الاصطفاف في "موقف المشاهد والمراقب" يضع الجميع تحت لائحة المشاركين في القتل الممنهج بالسكوت عليه وهذا ما لا ترضاه الأخلاق ولا يقره الدين ويتنافى مع حقوق الإنسان؛ لأن المعادلة هنا إراقة الدم أو الرضوخ الكامل والاستسلام وفرض الأمر الواقع بالقهر وقوة السلاح. والمطلوب في هذا الظرف التاريخي الحساس الذي يتعرض فيه السوريون للإبادة الشاملة على يد نظام يستخدم كل أدوات القتل والتدمير المطلوب التصدي له بالسلاح ذاته وتجريده من عناصر القوة وتحييده وعدم انتظار عودة روسيا إلى وعيها والنأي تمامًا عن المؤتمرات التي تعقد لبحث مصالحة بين المعارضة والحكومة فيما ينزف الإنسان السوري وهنا لا تجدي كلمات تطييب المشاعر؛ لأن الناس يبادون بالجملة ويهجرون بالآلاف وتدك دورهم ومساجدهم ويسحلون في الطرقات، إذن عن أي مصالحة أو حوار يتكلمون؟ إلا إذا كان هذا الحوار في غاياته يفضي إلى تسليم الضحية للجلاد بشكل تام وهو مرفوض من الضمائر الحية التي تأبى الضيم وترفضه تمامًا. وإذا كانت هناك كلمة يجب أن تقال وتوجه فهي إلى الجامعة العربية التي عليها تجميع الصف العربى وتمتين رؤيته وقراره ضد نظام بشار وحصاره إقليميًا ودوليًا والعمل على دعم المعارضة المسلحة في راهن الوقت حتى تنتشر ويقوى عودها لتضرب قوات النظام على الأرض وتفت من عضدها وتوهنها وتعمل في اتجاه آخر على استيعاب المنشقين بكامل سلاحهم حتى تحسم المعركة لصالح سوريا الحرة الأبية، وإذا لم يتم هذا فنحن في طريقنا لإبادة شعب كامل فقط لأنه رفض الإذلال والخضوع، فهل ينتبه مجلس الأمن لهذه الأطروحة، وهل ينهي الصراع باستخدام البند السابع ضد نظام بشار كما استخدمه في أوقات سابقة ضد أنظمة مماثلة؟