تشير الإحصاءات إلى أن الاستهلاك المحلي في المملكة من النفط حوالي 2.8 مليون برميل يومياً خلال عام 2010م. أي إن استهلاكنا من النفط يوازي استهلاك ألمانيا التي يبلغ عدد سكانها 3 أضعاف المملكة واقتصادها يوازي 5 أضعاف الاقتصاد السعودي . وقد أثار تقرير ''دار تشاتام'' CHATHAM HOUSE الصادر قبل عدة شهور بعنوان: ''حرق النفط لتبريد الأجواء: أزمة الطاقة السعودية'' جدلاً واسعاً وردود فعل متباينة، حول قضية ارتفاع حجم الاستهلاك المحلي، إذ يذهب التقرير إلى القول بأن الاستهلاك المحلي سيستنزف إجمالي إنتاج النفط في المملكة بالكامل خلال ثلاثة عقود فقط، بمعنى عدم إمكانية تصدير البترول بحلول عام 2038. وإذا كان المواطن الأمريكي قد رُبي على الاعتماد على السيارة كوسيلة نقل الأمر الذي أدى لتنامي احتياجات المجتمع الأمريكي للنفط . فإن علينا أخذ العظة، لعدم الوصول إلى هذه المرحلة التي جاءت نتيجة لتحالف شركات صناعة السيارات، وشركات النفط الدولية العملاقة. فقد كان توسع صناعة السيارات يعني ازدياد استهلاك النفط . فوضع هذا التحالف (الشرير) خطة جبارة قامت من خلالها بالاستحواذ اولا على منظومة النقل العام القائمة في المدن الأمريكية، وبعدها قاموا بتفكيك وإلغاء جزء كبير منها لإجبار الناس على الالتجاء للسيارات الخاصة. وهكذا فإنه لم يندثر النقل العام بأمريكا بسبب منافسة السيارة له، بل قُضي عليه في مؤامرة مُسبقة لإفساح الطريق أمامها؟! أما نحن في المملكة فنعتمد على السيارات الخاصة ونفتقد لوسائل النقل العام في مدننا، حتى الرئيسية منها. وما هو موجود من بعض وسائل نقل داخلية أو ما يُدعى ب "أنيسة" أو "أوتوبيس مناحي" هو وجه مشوه لأسلوب المواصلات العامة الضروري للمدن. لذا فإن هناك حاجة للتخطيط لإنشاء وسائل نقل عام في المدن السعودية الرئيس والصغرى. ناهيك عن ضرورة تكثيف الجهود من أجل تطوير بدائل عن النفط تقلص من استهلاكه داخلياً، وتكون تقنية مستقبلية يمكن أن تكون ثروة مستقبلية إذا أُعد لها الإعداد المناسب والمدروس، ومن شأنها أيضاً أن توفر فرص عمل ودخل ينقذ البلاد مما قد يحمله لها المستقبل. يجب إذن أن لا ننتظر حتى نصل إلى نهاية المرحلة التي وصلت إليها الولاياتالمتحدة، بل أن نتلافى من الآن التداعيات المُستقبلية التي ستقودنا إليها ازدياد الحاجة لاستهلاك النفط، نتيجة لعوامل عديدة منها زيادة عدد السيارات مع ازدياد أعداد سكان المملكة، وهو ما يستدعي البدء فوراً بإقامة منظومة للنقل العام على أعلى المستويات تصل أحياء المدن بعضها ببعض من جهة، وتصل المدن بغيرها من المدن الأخرى من جهة أخرى. فما تواجهه الولاياتالمتحدة من زيادة استهلاكها للنفط، خاصة على السيارات الخاصة، بدأنا نُعاني منه مع زيادة استهلاكنا الداخلي للنفط الذي يبلغ اليوم أكثر من مليوني برميل مُرشحة للزيادة. * نافذة صغيرة: [إن ارتفاع الاستهلاك المحلي المتزايد في المملكة يقتضي التوقف والتأمل في أسباب هذا الارتفاع وأهم من ذلك استشراف مستقبل التنمية التي تعتمد على هذا المورد الناضب!] د. رشود الخريف - الإقتصادية (26/05/2012) [email protected]