إذا كان هناك مؤامرة حقيقية رُسمت بتخطيط وإرادة مُسبقة بين مستفيدين .. فقد كانت هذه المؤامرة هي جعل السيارة تحظى بالأولوية على كافة المواصلات الأخرى لدى المواطن الأمريكي. فلقد أصبح اقتناء أفخم سيارة .. وزوجة/أو صديقة، هي حلم حياة كل أمريكي، إضافة إلى تفضيل كثير من الأمريكيين أيضاً اقتناء سلاح شخصي ويفضله في أحيان كثيرة عن زوجته أو صديقته. قبل هذه المرحلة، كانت الحافلة الكهربائية أو التروللي باس (trolley bus) هي وسيلة النقل التي كانت منتشرة في المدن الأمريكية في الثلاثينيات، وكان قبلها الترمواي وكلها وسائل كانت تعمل بالكهرباء ولا تستهلك من النفط لتشغيلها ما تستهلكه السيارات الخاصة أو الحافلات (الأوتوبيسات). وكانت فترة خدمة التروللي والترام طويلة ولا تتطلب كثيراً من الصيانة التي تتطلبها السيارات والحافلات التي تتطلب من الاصلاحات أكثر بكثير مما تتطلبه الحافلات الكهربائية والتراموايات، كما أن فترة خدمتها أقصر. لذا فإن إستمرار هذه الوسائل للنقل لم تكن حافزا مناسباً لشركات السيارات ولا لشركات النفط للحصول على الربح المناسب. وقد عمد تحالف شركات السيارات وشركات النفط العملاقة إلى خطة شريرة، وصفها أيان َرتليدج في كتابه (العطش إلى النفط) بأنها "أوسع وأعنف إجراء قامت به شركة جنرال موتورز للسيارات وشركة شيفرون البترولية لتدمير نظم النقل العام الكفؤة والمربحة القائمة على التراموايات والحافلات الكهربائية في كليفورنيا ما بين عامي 1946 و1958". فقد قامت الشركتان بداية بشراء نظم الترامواي الكهربائي والقطارات الخفيفة في بعض كبرى المدن في كاليفورنيا، عن طريق شركة واجهة أسمتها "باسيفيك سيتي لاينز" ثم أوقفتها جميعاً. ورغم محاولة مجالس المدن الوقوف في وجه خطط الميكنة لشركة باسيفيك سيتي لاينز ، وإعادة التراموايات القديمة إلا أن كل جهودها، التي كانت تؤيدها فيها وسائل الإعلام المحلية، باءت بالفشل. وتدريجياً وبكل الوسائل المشروعة وغير المشروعة، ابتداء بإلغاء بعض خطوط النقل، وتقليص الخدمات، وارتفاع تعريفات ركوب الحافلات، ضغطت كل هذه العوامل على الناس لشراء السيارات. فمثلاً، وكما يقول رتليدج، كان قطعُ لخدمة عن حي ما مساءً يعني أن سكان هذا الحي لن يستطيعوا الخروج من بيوتهم ليلاً، ما لم يشتروا سيارة "وما أن تصبح لديهم سيارة حتى لا يعود لديهم دافع يُذكر لركوب الحافلة حتى ولو كانت موجودة"؟! وهكذا، وبحلول عام 1951، أصبحت صناعة السيارات الأمريكية تنتج ما يزيد عن ثلثي سيارات العالم، وذلك بعد أن أرغمت الولايات على إقامة منظومة طرق عامة فيما بين الولايات لاستيعاب الأعداد المتزايدة من السيارات، وتلبية التدفقات المتعاظمة للحركة من وإلى المدن. وبحلول العام 1960، لم يعد ممكنًا إنكار الأهمية الحيوية لصناعة السيارات. فقد أصبحت "عماد الاقتصاد الأمريكي". * نافذة صغيرة: [إن ما هو خير لجنرال موتورز هو خيرٌ وبركة للبلاد أيضاً.] تشارلز ويلسون – رئيس جنرال موتورز [email protected]