تسبب الإعلان عن فصل جديد في مسلسل قتل الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات في حدوث انقسام آخر جديد في صفوف الشعب الفلسطيني وكأن الانقسامات السابقة لا تكفي، فبينما طالب العديد بأخذ عينة من رفاته وتحليلها بعد الإعلان عن اكتشاف آثار مادة مشعة سامة (البلونيوم) في بعض مقتنياته لدى أحد المختبرات السويسرية المعروفة، تساءل البعض الآخر عن توقيت هذا الإعلان وعما إذا كانت بعض قيادات السلطة هي المستهدفة؟. بيد أنه بصرف النظر عن هذه التساؤلات فإن الإعلان اكتسب أهمية كبيرة، لعدة أسباب من أهمها: 1- أنه أعاد فتح ملف قتل عرفات الذي كان المعتقد أنه أقفل وأن الجريمة قيدت ضد مجهول. 2- إن النتائج المخبرية للمختبر السويسري التي حددت سبب الوفاة تختلف كلية عن النتائج الواردة في الملف الطبي لعرفات الصادر عن المستشفى العسكري الفرنسي الذي كان يعالج فيه . 3- لا يمكن الافتراض بأن الحكومة الفرنسية ومرافقي عرفات خلال وجوده في فرنسا للعلاج لم يكونوا على علم بالسبب الحقيقي للوفاة الذي كشف عنه الإعلان وهو ما يثير التساؤل: لماذا أخفت هذه الأطراف تلك المعلومة طيلة ثمانية أعوام؟ الإعلان أكد أيضًا على عدة حقائق من أهمها: 1- ملف قتل عرفات لم يتابع بجدية تتوافق مع ظروف وملابسات الوفاة التي أجمعت كافة المؤشرات على أنه مات مسمومًا وأن إسرائيل هي التي تقف وراء تلك الجريمة، وهو الافتراض الذي أصبح أكثر ترجيحًا الآن لأن مادة "البولونيوم" المشعة لا يتم إنتاجها إلا لدى بلدان معدودة قادرة على إعدادها للاستخدامات الخاصة، وحيث تعتبر إسرائيل إحدى تلك الدول القلائل. 2- أن الجريمة تمت من قبل طرف ثالث، وهو الطرف الذي استخدمته إسرائيل لإيصال تلك المادة إلى الرئيس عرفات في مقره في المقاطعة عندما كان تحت الحصار الإسرائيلي. 3- المنطق يفترض عدم التأخير في إجراء التحليل بأخذ عينة من رفات أبو عمار بعد أن أعلنت السلطة الفلسطينية عن موافقتها على هذا الإجراء. أخيرًا فقد لا يكون من الحكمة مطالبة البعض بتشكيل لجنة تحقيق دولية لأن ذلك ربما يستغرق سنوات عديدة، كما لا ينصح باستمرار لجنة التحقيق السابقة بمواصلة عملها لأنها علقت الملف ولم تتابعه بالرغم من أهميته بالنسبة للشعب الفلسطيني، والأفضل والأجدى المسارعة في تشكيل لجنة تحقيق تحت إشراف جامعة الدول العربية؛ لإثبات تورط إسرائيل في تلك الجريمة والكشف عن (الطرف الثالث) لاتخاذ الإجراءات القانونية المناسبة.