تعد اللغة من أهم وسائل الاعتزاز بالثقافة والهوية، ويندر أن ينهض مجتمع ويصبح مؤثرًا على المستوى العالمي دون أن تكون اللغة واحدًا من العوامل الرئيسة في تشكيل تلك النهضة. وعند الحديث عن نهضة المجتمع ينقسم الناس إلى فئتين: الأولى مشاركة في صناعة النهضة، والثانية واقفة على هامشها. الأمر المؤسف هو أن نرى فتيات في عمر الزهور، يتفجرن طاقة وحيوية وحماسًا، لكنهن قبلن بأن يقفن هامشيات في مشروع النهوض بالمجتمع الذي عشن فيه وأصبحن جزءًا مهمًا من نسيجه. ومن مظاهر تلك الهامشية أن ترين ضعف اهتمامهن باللغة العربية، بل واعتقاد أن التحدث بلغة أجنبية صار علامة النهضة للشخص الذي يستخدمها. ربما سمعت عن أشخاص سافروا إلى دول مثل فرنسا أو ألمانيا، وحينما اضطروا لسؤال أحد باللغة الانجليزية للمساعدة، رفض التحدث إليهم، ولسان حاله يقول: (كلما تعلمتم اللغة الإنجليزية، تعلموا لغتي حتى أتكلم معكم بها)، مع العلم أن معظم هؤلاء يجيدون اللغة الإنجليزية، ويتحدثونها بطلاقة، لكنه الاعتزاز باللغة ومحاولة إثبات أهميتها للآخرين. لاشك في أهمية تعلم اللغات الأجنبية، لكن ما يؤسف كثيرًا أن معظم من يتعمدن إظهار الكلمات الأجنبية على ألسنتهن أو في كتاباتهن ضعيفات في اللغة نفسها! وقد وقفت بنفسي على مشاركات لفتيات باللغة الانجليزية على الانترنت، وهي مليئة بأخطاء تافهة. وأسوأ من ذلك، من تكتب اللغة العربية بحروف أجنبية. فهذا قتل للغة، ولا يضيف علمًا ولا فائدة لمن يستخدمنها. وفي المقابل، هناك فتيات ممتازات في اللغة الإنجليزية، ولكنهن يرين أن اللغة العربية أولا، وأن الاستعراض باللغة الانجليزية لا يضيف لهن شيئا، أتدرين لماذا؟ لأنهن واثقات من أنفسهن، ولا يرين أن بضع كلمات أجنبية بسيطة، مثل (واو، كول، بريك، أوف، ويكند) ستحسن صورتهن أمام الأخريات. ولكن لو كنّ في ميدان للحديث أو الكتابة باللغة الانجليزية، لرأيت منهن ما يثير الإعجاب. عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود [email protected] تويتر:@mshraim