يروي الوزير الراحل، الدكتور غازي القصيبي، رحمه الله وأسكنه فسيح جنّاته، في كتابه (الوزير المُرافِق) الحوار المُثير التالي، الذي دار بينه وبين الرئيس الفرنسي - الراحل أيضاً - فرانسوا ميتران، حول أحد الكتب التي ألّفها الرئيس: القصيبي: لماذا اخترْتَ لكتابك اسم (النحل والمهندس) وهو يدور حول الاقتصاد والسياسة؟. ميتران: لقد أردتُ أن أشير إلى أهمية المهندس، إنّ النحل يبني بيوتاً بديعة ولكنه يبنيها بدافع من الغريزة وحدها، ولهذا تجيء بيوت النحل متشابهة بدون خيال وابتكار، أمّا المهندس فيبني بيوتاً مختلفة فيها خيال وابتكار، أريد أن أقول أنّ المهندس مهم مثل النحل وأكثر!. هذا الحوار دار عام 1401 ه، ونحن الآن في عام 1433 ه، أي قبل 32 عاماً، أو بلغة التنمية: قبل 6 خطط تنمية سابقة، وهناك خطط تنمية مستقبلية أكبر منها، ولا زال النحل يبني بيوتاً متشابهة بدون خيال وابتكار، ولا زال المهندس السعودي يبني بيوتاً مختلفة فيها خيال وابتكار، ولكن يُقدَّر النحل أكثر ممّا يُقدَّر هو، ويُثمَّن انتاج النحل من العسل أكثر ممّا يُثمَّن انتاجه هو من المشاريع التي لا يمكن للناس الحياة بدونها، حتى أنّ سعر العسل الأصلي قد يتجاوز راتبه، فمتى يُقدَّر المهندس السعودي؟ ومتى يُثمَّن إنتاجُه؟ إنّ أموراً كثيرة تنقصه، أهمّها زيادة دخله المتواضع الذي لا يتناسب مع صعوبة دراسته، ومشقّة وظيفته، وكِبَر مسئولياته، وإغراءات الفساد حوله، ولا جديد عن كادره الذي يكفل تحسين وضعه سوى أنه يحتاج إلى تدخّل من الدولة تُعيد به المهندس لمكانه اللائق!. @T_algashgari [email protected]