حرص مركز التأصيل للدراسات والبحوث بجدة على مغازلة عقول الأمة بأربعة إصدارات جديدة خلال العام الهجري الحالي ،الأول عنون ب " التسليم للنص الشرعي والمعارضات الفكرية المعاصرة " للمؤلف فهد بن صالح العجلان ، والثاني ب "مناهج الاستدلال على مسائل العقيدة الإسلامية في العصر الحديث" مصر نموذجا " للدكتور أحمد قوشتي ، فيما حمل الإصدار الثالث عنوان"الاستشراق عند إدوارد سعيد.. رؤية إسلامية" للدكتور تركي الظفيري ، بينما تطرق الإصدار الرابع إلى ظاهرة اللبراليين الجدد على الساحة الإسلامية في الوقت الراهن ومالها وماعليها ، للباحث أحمد القايدي. وعنونه بكلمتين فقط ،وهما " اللبيراليون الجدد ". ومن منطلق حرصها على عرض " خلاصات" لبعض النتاجات الفكرية الناضجة ، تعرض " الرسالة " في هذا العدد ملخصا حول كتاب " التسليم للنص الشرعي والمعارضات الفكرية المعاصرة " للمؤلف فهد العجلان ، ويتناول قضية التسليم للنص الشرعي، بإتباعه سواء كان من الكتاب أو من السنة، وسواء كان قطعيًّا في ثبوته أم ظنيًّا. وبيَّن المؤلف أن التسليم والإذعان للنصوص الشرعية والعناية به يتطلب أمرين مهمين: بيان معناه، وتأصيله، وشرح أدلته، والكشف عن مستنداته العقلية والنقلية التي يقوم عليها، والأمر الثاني العناية بالمعارضات التي ترد على النص الشرعي والإجابة عليها إجمالاً وتفصيلاً، وهذا ما حاول المؤلف القيام به في هذا الكتاب ،معتبرا إن التسليم للنص الشرعي أمر يتعدى أن يكون مجرد إيمان بالقرآن والسنة والاحتجاج بهما، كونه التزام وانقياد تابع لكمال الإيمان. ويتألف الكتاب من خمسة فصول حيث وسم المؤلف الفصل الأول: ب (التسليم للنص الشرعي والمعارضة بالعقل)، وتناول فيه وظيفة العقل ومكانته من النص الشرعي، وبيَّن معاني العقل، وذكر مجموعة من المقومات التي جعلت العقل يتبوأ مكانة عالية في الشريعة منها كونه دليلاً موصلاً إلى الله، ويقبل بصاحبه إلى الإيمان به، وأن المحافظة عليه تعتبر من الضرورات الشرعية. وأردف المؤلف بذكر المجالات التي يُسلِّم فيها العقل للنص الشرعي، كالتسليم للمغيبات، والتسليم للأخبار الشرعية، والأوامر والنواهي الشرعية، والأحكام التعبدية، ومن ثم عدَّد أشكال الانحرافات بالعقل عن التسليم للنص، كتقديمه عليه، واستقلالية العقل، وتقديسه، والاعتماد عليه، وإنكار ما كان خارجاً عن المحسوس، وغيرها من الطرائق التي تنحرف بالعقل عن مساره الصحيح في التسليم والإذعان للنص الشرعي. أما الفصل الثاني فتطرق العجلان إلى مسألة التسليم للنص الشرعي والمعارضة بفهمه، فبدأ بالحديث عن المعالم الأساسية في دلالة النصوص الشرعية، كأوصاف القرآن في القرآن، فهو موصوف بأنه بيِّن، مبارك، مصدِّق للكتب السماوية السابقة، وكذلك ما يتناول القرآن من ذم الشك والريب والتلبيس، والذم للإعراض وغيرها من الدلائل، والتي نتوصل من خلالها إلى معالم أربعة مهمة وهي: أن آيات القرآن واضحة جلية، بينة، يعرف مراد الله منها، وأن فهمها يكون عن طريق فهم اللغة التي حملت هذه الآيات، وأن المنهج الواضح القطعي الجلي هو ما بيَّنه النبي صلى الله عليه وسلم، وسار عليه صحابته الكرام ومن بعدهم، وأن دلائل القرآن تؤخذ من ظاهره، فهي دلائل بينة واضحة قد فصلها الله وبينها. وفى الفصل الثالث أفاض الباحث في الحديث عن التسليم للنص الشرعي، والمعارضة بالواقع، وتناول الحديث فيه عن المعالم الأساسية لمراعاة الشريعة للواقع، كبناء الشريعة على ما يحقق مصالح الناس، ومراعاة متغيرات الواقع، وضرورة فهمه. وتحدث العجلان بعد ذلك عن الانحراف عن التسليم للنص الشرعي بدعوى الواقع، فذكر من ذلك تقديم المصلحة على النص، وتحريف الأحكام لتغير الزمان والمكان، وربط الأحكام الشرعية بظروف خاصة، وإغلاق باب الاجتهاد وغيرها من مظاهر الانحراف. و تطرق المؤلف في الفصل الرابع الحديث عن التسليم للنص الشرعي، والمعارضة بالمقاصد، فمهد بتعريف علم المقاصد، وبيان حجيته، وأنواعه، ثم ذكر معالم التسليم للنصوص في المقاصد، و أردف بالكلام عن الانحراف بالمقاصد عن التسليم للنص الشرعي، فذكر من ذلك تعليق تطبيق الأحكام الشرعية على أوصاف غير شرعية، وإنكار الأحكام الشرعية بدعوى مخالفة المقاصد، وترك النظر في الدليل والأخذ بأي قول فقهي . وخصص الفصل الخامس للحديث عن التسليم للنص الشرعي، والمعارضة بالخلاف الفقهي، فمهد بالكلام على نشأة الخلاف الفقهي ودوافعه، ثم أردف بمعالم التسليم للنص الشرعي في الخلاف الفقهي، فتحدث عن تعظيم أمر الفتيا في الدين ،و ختم بالحديث عن الانحراف بالخلاف الفقهي عن التسليم للنص الشرعي، وذكر من مظاهر ذلك التعصب الفقهي، والاختلاف والتفرق، وغير ذلك.