"الموت حق! وموت الإنسان في سبيل خدمة دينه ووطنه شرف!".. بهذه العبارات تحدث الأمير نايف بن عبدالعزيز، وكأنه يعبر بلسان حالنا اليوم ونحن نشارك خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز حزنه وأساه وهو ينعي أخاه وعضده وولي عهده نايف بن عبدالعزيز.. ولقد جاءت وفاة الأمير نايف بعد أشهر قليلة من وداع الأمير سلطان لتضاعف الأحزان وتجدد الأسى ولتختبر إيمان هذا الشعب الذي عبر عن مشاعره بنبل وإباء وكبرياء ولتؤكد للعالم أجمع صلابة نظامنا السياسي ووحدة قيادتنا وأسرتنا المالكة.. ويكفي نايف بن عبدالعزيز فخرا أنه أفنى حياته في خدمة الدين والوطن وأنه لم يعرف عنه يوما إلا أنه كان يؤثر عمله ومسئولياته على نفسه وصحته وطاقته. وبالنسبة لي فلقد كان الأمير نايف يعني الكثير بحكم علاقة العمل الوثيقة التي ربطت والدي الفريق يحيى المعلمي يرحمه الله به، وبحكم الرعاية الكريمة التي كان يحظى بها والدي بعد تقاعده من سموه والتي اشتملت على أمر سموه بعلاج والدي يرحمه الله على نفقة سموه في الولاياتالمتحدة، وبعد وفاة والدي يرحمه الله كان لاتصال سمو الأمير نايف بي وقع البلسم حيث أصر سموه على أن يخاطب إخواني واحدا واحدا لكي يقول لهم إنكم محل رعايتي واهتمامي. لقد خاضت بلادنا في العشرين سنة الماضية حرباً عنيفة ضد الإرهاب، وكان الأمير نايف قائداً فذا قاد المواجهة باقتدار وأدرك عمق المشكلة وأبعادها الثلاثة، البعد الأمني والبعد الفكري والبعد الاجتماعي.. وانبرى الأمير نايف لهذا التحدي فسخّر الطاقات الفكرية والعقدية للتصدي لفكر الارهاب وهيأ الوسائل والأساليب للمناصحة والحوار فالفكر لا يصد إلا بالفكر.. كما أدرك الأمير نايف أن الإرهاب يتكاثر في بيئة اجتماعية مواتية لتكاثره، فالاضطهاد والعقوبات الجماعية والحرمان يؤدي إلى حلقة مفرغة تؤثر على نفسيات الأسرة والمجتمع وتؤدي إلى إنتاج مزيد من الإرهابيين، أما أسلوب الأمير نايف فلقد ارتكز على كسر هذه الحلقة السيئة وبسط مظلة الرعاية على الأسرة والمجتمع لضمان عزل الإرهابي عن تعاطف أسرته وبيئته ومنع الظروف المواتية لاجتذاب الشباب إلى هذا الوكر الفاسد. رحم الله الأمير نايف بن عبدالعزيز وجزاه خير الجزاء عما قدم لدينه ووطنه وأسكنه فسيح جناته وعوضنا عنه خيرا وجبر الله مصاب خادم الحرمين الشريفين والأسرة والشعب السعودي و"إنا لله وإنا إليه راجعون". [email protected]