حدثتني إحدى الزوجات المكلومات عن سبب اكتشافها لزواج زوجها من امرأة أخرى على طريقة المسيار، حيث قادها إلى هذا أنها استنكرت لطفه المفاجئ، والذي بدا معه أشبه بالرجل الذي لا نعرفه أنا، ولا أبنائي على حدّ وصفها! لقد كنا نعاني كثيرًا من إقناعه بحاجتنا للذهاب مع أحد محارمي للسوق مثلاً إن لم يمكنه تلبية ذلك، أو حاجتنا للنزهة مع الأهل في أوقات كان يرفض الخروج فيها أصلاً كالظهر، أو الصباح! هذا اللطف المفاجئ كان سببًا للشك الذي تبعه اليقين! أمّا الأخرى فإنها تصنف اللطف من زوجها مؤشر شك، أو فاتورة واجبة الدفع بثمن ليس أقل من التنازل عن بعض مالها، أو حاجة أخرى تلزمها، بل أحيانًا وتشق عليها! تأمّلت مع هذه الشكاوى حديث عائشة -رضي الله عنها- حين حدثتنا بحديث الإفك! يومها كان المؤشر مقلوبًا.. وكان افتقاد اللطف المعتاد هو سبب الشعور بأن هناك شيئًا ما! على أن الأمر لم يشكّل محنة لها -رضي الله عنها- فلم ترَ ما يؤذيها، رغم عظم التهمة، وشناعة الحادثة! وإنّما هو استعمال لفظ الضمير الغائب في السؤال عنها، وتجنب سؤالها المباشر! (كيف تيكم؟) سؤال مغلف بالجفاء! كما تراه عائشة -رضي الله عنها- فأين هذا من أزواج لا يسألون أصلاً عن مرض زوجاتهم قليلاً، أو كثيرًا، خصوصًا بعد زواجه من أخرى! هذا الموضوع يذكرني بمقالة الدكتور خالد المنيف التي عنونها ب(ماذا ننتظر؟) والتي ذكر فيها ردود أفعال الزوجات اللواتي وصلتهن كلمة (أحبك) من جوال أزواجهن الحاضرين لدورة في العلاقات الزوجية، إلى الحد الذي جعل البعض منهن تتساءل: سلامات؟ أو جوالك مسرو ق؟ وألطف الردود تلك التي علمت أنها هدية، ربما لن تتكرر، ولا تريد أن تستجديها دومًا فقالت: تكفيني هذه الكلمة لأعيش بها ما أتبقى من عمري معك! إن اللطف في حياة الكريم صلى الله عليه وسلم كان سلوكًا يوميًّا يستنكر فقدانه، ويؤذن بتغير أحواله، وكم هو مؤلم أن يتحوّل المؤشر النبوي الجميل إلى حالة تستدعي الزوجة للشك، أو تحمل همًّا لما يتبعها من متطلبات!