مشاعر الغيرة بين الناس أمر طبيعي، وليست ممّا يستوجب التوقف عندها كثيرًا، لأنها ممّا يتعب النفس، ويولّد النزاعات، ويزيد الكراهية بين الناس. وليس معنى ذلك بالتأكيد أنك عندما تشعرين بالضيق من أولئك الغيورات فإنك إنسانة غير طبيعية! كلنا يود أن يكون محبوبًا، وبلا عداوات، أو مشاعر حسد، أو غيرة من الآخرين، خاصة من الأشخاص القريبين من حياتنا. ولكن، هل هذا ممكن؟ الواقع -للأسف- يشهد بأن هذا شبه مستحيل. ولذلك فإننا لابد أن نكون إيجابيين ونتعامل مع الواقع كما هو، وليس كما نتمناه أن يكون. لأن ذلك خارج نطاق قدرتنا وسيطرتنا. التعامل مع الصديقات، أو القريبات الغيورات يمكن أن يكون بإحدى طريقتين، الأولى بأن تقفين لها ندًّا؛ وتحاولين كسب التنافس بينك وبينها، حتى تشعر بأنك الأفضل. أمّا الطريقة الثانية فهي بأن تتغافلي عن الموضوع قدر الإمكان، وتتعاملي معها كأن شيئًا لم يكن. الطريقة الأولى قد تضع لغيرتها حدًّا في بعض الأحيان، ولكنها بالتأكيد لن تجعلك تكسبين قلبها لصالحك. بل ربما استمرت صداقتها لك ظاهريًّا، ولكنها تبيت لك الحقد والكراهية. الأمر الأكثر مرارة على النفس هو أنك جعلت القيادة لها، وسلمت لها خياراتك وربما شخصيتك، وأصبحت مرآة لها تتحكم بك كيفما شاءت من خلال ما تفعله تجاهك. وفي هذا تأكيد لسلبيتك بطريقة لا أظنك تقبلينها. أمّا الطريقة الثانية فقد تتعبك بعض الشيء في البداية، لكنها تدربك على التحكم في نفسك، ومن ثم تجعل القيادة لك. فتصبحين أنت من يتحكم في نفسك أولاً، وفي من تغار منك ثانيًا. والأمر الأهم أنك سترتاحين نفسيًّا، ولن تجدي في قلبك غيظًا ولا حقدًا، بل ستخرجين بمكاسب كثيرة وبطريقة هادئة ليس فيها خطأ واحد من جانبك، وبالتالي لن تكوني عرضة للوم أحد. بل إن غالب هذه التجارب تنجح في كسب قلب من تغار منك لاحقًا، لأنك أثبتّ رقي أخلاقك وأسلوبك.. يقول الشاعر: لما عفوت ولم أحقد على أحد أرحت نفسي من همّ العداوات عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود [email protected] @mshraim