قال خطيب جامع الكوثر بجدة الدكتور خالد بابطين في خطبتي الجمعة يوم أمس: إن الناظر في كتاب الله والمتدبر لآياته ليقرأ فيه مفاهيمَ شرعيةً ينبغي أن نحييها في نفوسنا ونبعثها في قلوبنا لتنعكس في تصوراتنا ومواقفنا. وإن من أعظم هذه المفاهيم القرآنية أن النصرَ يعقبُ الصبر وأن الفرج يأتي بعد الشدة وأن التمكين يحصل بعد الابتلاء. لقد بلغت الشدة مبلغها ووصلت المحنة ذَروتها وأصاب الناسَ الفقر والمرض ووقعت بهم صنوف البلاء بل وصل الأمر إلى أن يستبطئ الرسولُ والمؤمنون نصر الله ويستأخرونه فلما اشتدت المحنة وعظم الكرب جاء نصر الله. هكذا هي سنة الله لا يأتي الفرج إلا بعد اشتداد الكرب وبلوغ الأمر غايته ويكون الصبر حينئذ هو الثمن الذي يشترى به النصر والبلاء هو المقدمة للتمكين. وذكر أنّ المراقب للأحداث ليعلم كم من العنت والمشقة قد أصابت أولئك المجرمين فهم يعيشون في قلق وهمٍّ دائمين ولا ينعمون بشيءٍ مما هم فيه ولا يأمنون على أنفسهم من أقرب المقربين منهم وكم قتل من جنودهم أو أسروا، وكم جرح منهم وأصيب كم ينشق عنهم كل يوم من أتباعهم وجنودهم وكم ينفقون من الأموال كل يوم على جيوشهم وجنودهم لتحقيق أهدافهم لكنهم والله لم يبوؤا من ذلك إلا بالخيبة والخسارة والفشل والبوار وسوء الحال والمآل. هكذا يبذلون الأموال لحرب الله والمؤمنين فلا يظفرون إلا بالحسرة والهزيمة والخسران. وسوء العاقبة يوم القيامة، تلك هي أرض الشام تكفل الله بها وبأهلها وكفى بالله كفيلاً هي أرض الملاحم والنصر ومن كان الله نصيرَه وظهيرًا فلن يهزمه أهل الأرض جميعًا ولو تظاهروا وإننا نتفاءل باسم تلك القرية (الحُوْلة) فسيكون تحولاً واضحًا نحو النصر والتمكين بإذن الله.