في طريق العودة من العمل في قسوة الظهيرة طلب من زوجته أن تمنحه عشرين ألف ريال ليتمكن من السفر مع أصحابه لإحدى المدن العربية ذات اللحم الأبيض المتوسط ، و لأنها رفضت و قصرت رقبته أمام رفاقه ، أوقف السيارة على طريق سريع و فتح الباب و أجبرها على مغادرة السيارة ثم مضى للمنزل و تمدد على أريكة الاستهتار تحت مكيف التخلي و بيده ( الريموت ) يقلب الكباريهات الفضائية ، و في مكان آخر يقاطع رجل آخر شقيقته الأرملة المعيلة لخمسة أطفال ، شهورا طويلة لأنها اعتذرت بالتزاماتها المالية و عدم قدرتها على الاقتراض له ، و في ركن ثالث يبتز ثالث والدته المسنة و يستولي على الجزء الأكبر مما ورثته قبل أن يصل إليه الآخرون ، أحدهم يقول إن له فضلا كبيرا عليها فقد سمح لها بالعمل لتقضي وقتا ممتعا مع زميلاتها و لا تبقى وحيدة في المنزل ومن حقه الحصول على جزء من راتبها مقابل سماحه لها بالعمل. مشاهد واقعية تتكرر و تتلون يجمعها تشوه الحياة بالمادية ، و تحول القوام إلى جابي أموال من محارمه اللاتي يفترض أن يكون مسؤولا عن الإنفاق عليهن ، أمينا على ممتلكاتهن ، ما الذي بدل الأحوال و عصف بحرير الأمان و قذف بشوك الأنانية في أحضان هؤلاء ؟! قديما كان الرجال يأنفون مما تملكه المرأة و يتعوذون من طلب مال من المرأة ، و يشعرون بإهانة شديدة حين تعرض المرأة عليهم مساعدة مالية ، لماذا صار كثير منهم باحثين عن الحياة بالمجان أو طامحين بالحياة مدفوعة التكاليف ، و لماذا و صل الأمر بالقوامين لأن يبيعوا موافقتهم بالعمل أو السفر ، و لماذا صارت كثير من النساء مطالبة إن أرادت الجلوس تحت ظل رجل بدل الحيطة أن تتكفل بالإنفاق عليه و شراء كلماته الحلوة و عشرته اللطيفة ؟! ولماذا وصل الحال ببعض الرجال على النساء الثريات اللاتي تأخرن عن الزواج للدراسة بأن يبيعوا عليهن حق منحهن فرصة الأمومة مقابل عمارة أو شيك مصدق بأكثر ما تملكنه ؟! لماذا صارت النساء الكسيرات مستهدفات للتكسب و نهب أموالهن بدل جبرهن و رعايتهن ؟! و لماذا نستنكر و نشمئز حين نتحدث عن الجنس الثالث من الذكور المستأنثين و النساء المسترجلات ولا ننظر لهذا النمط من الرجال بنفس الازدراء ؟! [email protected]