* كثير جدًا من أحداث العالم العربي المتتالية تحدث على هيئة كارثة عقب الأخرى، بفن وإخراج بالغ الدقة والإحكام، وبشكل يهيئ للرائي أن الافتعال واقعًا ملموسًا..! * تجردت في محاضن البشرية اليوم السمات الأخلاقية وفطمت الإنسانية من غذائها الروحي من الرحمة والرأفة، فأصبح يُصوَّر للناس واقع غير الواقع الذي يعيشونه فعلًا، وأفكارًا دخيلة تُسهم في تدفق الفكر المنحرف وكأنه سياق عام.. على الكل أن يجاريه وأن يواكب مساره، ويقوم بأفعاله ويرضى بما ليس منه بد..! * ثم وفي المركز الأهم للتفكير نجد التلاعب بالبصر والبصيرة، والتأثير السلبي الشديد على النفس، والناقد في خبث للفكري السوي!! ثم التضخيم الإعلامي المُوجَّه والنقل المشوش للحقيقة من قِبَل الغرب!! يأخذ هذا المنحدر «التهريجي» بالمشاهد العربي إلى حالة شديدة من الإحباط والتأزم، والفراغ الفكري وضبابية الرؤيا.. كل هذا وأعظم منه بهدف التشويش على العقلية العربية المستعصية على أن يُستخف بها.. ولاشك أن الحياة مسرح كبير «للعب»، إلا أن الإنسان العربي يستعصي على أن يكون الدمية أو المهرج الذي يُقذف به في لجة الأحداث، أو أن تحكم مداركه، ولعله اليوم هو الفرد الأول في العالم الذي يجيد قياس الأمور والأخذ بالعبرة.. فإن كانت الرأسمالية اليوم قد نجحت في استغلال النزعات والدوافع الجسدية لبعض البشر؛ فإن هذا لن يُمكّنها من استغلال الفكر العربي الحصين، وإن كان التمثيل المسرحي يُصوِّر بشراهة الصغائر عظامًا، وإن افتعل لمقاصده جرائم حقيقية في حق الناس والإنسانية! إلا أن هذا يُفسِّر ما تسعى إليه من إخفاء الفساد الذي يعم العالم بردائه المقزز فإن النفوس الأصيلة تظل كبيرة مهما طغى الفساد واستشرى في الناس من الطباع السلوكية الدونية كإشباع الغرائز والرغبات.. فلن يثني النفس الحرة الأبية والعقلية الناضجة عن مقاصدها العليا المسخ السائد اليوم الذي يبثه الغرب، وذلك بروح تسمو فوق الأحداث وفوق التشويش والضبابية التي أنست البعض قضاياهم الحقيقية في الحياة، وفرطوا في أهدافهم النبيلة.. والله المستعان.