تركز بعض القنوات الفضائية العربية في هذه المرحلة على بث برامج تدعي أنها ترعى المواهب وتخرج للأمة جيلًا صلبًا وموهوبًا؛ وتحشد الأموال الطائلة لإنتاج تلك البرامج في قالب تلفزي حديث وبإخراج يعتمد على الإبهار البصري وجميع أدوات الإخراج في ثوبه الغربي المقلد! ومن يأخذ جزءًا يسيرًا من وقته لمشاهدة هذه النوعية من البرامج يصاب بالصدمة لما تبثه من فقرات «مستنسخة» من البرامج الغربية بلباس عربي وبوجود لجنة تقدم نقدًا ارتجاليًا يعتمد على الكلام المرسل أكثر من الاعتماد على قواعد علمية في مجال تحديد المواهب والتصديق على نبوغها ونجاحها في المستقبل؛ والحق يقال إن المواهب العربية التي تحاول هذه البرامج المباشرة الترويج لها تفتقر في أغلبها إلى وجود ارتباط وثيق مع الثقافة العربية في مجال تخصص بعينه، وكان من الممكن قبول أن تلك البرامج تأتي في إطار فن التقليد أو المحاكاة للشعوب الغربية التي تقدم نفسها بالثقافة والإرث الحضاري الذي يحلو لها. وهنا لا أريد أن أُعمِّم على جميع البرامج، فهناك نوعية راقية من البرامج الناجحة التي تهتم بالثقافة العربية الأصيلة على مستوى الشعر والأدب بشكل عام، أو الفضاءات المسرحية التي تعزز لقيمة الأصالة الثقافية لحضارة عربية امتدت قرونا وليست بحاجة إلى إقحامها في ألوان الرقص والغناء الغربي الذي لا يمثل الوجه الحقيقي لثقافة شعوبنا العربية من المحيط إلى الخليج! والأمل أن يقوم المسؤولون عن هذه القنوات بوضع معايير وأسس مهنية للبرامج الخاصة بالمواهب الشبابية، ولابد هنا من الاستعانة بالخبراء والمثقفين لرسم منهج صحيح للبرامج المشجعة لمواهب الشباب؛ أما ترك الاختيار عشوائيا فهو يحفز على تقليد الغرب في ثقافته المتنافية أصلا مع معتقداتنا وحياتنا وأسلوب ثقافتنا الأصيلة التي يجب أن نعتد بها بدلا من تمييعها في صورة مشوهة نقلا عن عالم لا يعترف إلا بمواهب المنتمين إلى مجتمعاته! [email protected]