في هذا العصر المتقلِّب الغريب الأطوار لا نستغرب فيه أن نجد من يدافع عن الباطل بل ويتبنّاه ويحشد له ألوان الفصاحة وأساليب البلاغة حتى يظهر أمام مجلس الأمن والمجتمع الدُّولي في مقام المنتصر، بل ويقول لمنتقدي النِّظام السوري الذين يقفون بكل شرف وإنسانيِّة مع الشَّعب السُّوري الأعزل: "لا تستفزُّوني أكثر، فأنا أملك الكثير من الأوراق عنكم ، وسأخرجها في الوقت المناسب! "يخاطب بذلك الزعماء العرب الأعضاء في مجلس الأمن! إنَّها حيلة العاجز، وصفات المراوغ، ومنطق الدِّفاع عن القتلة وسفَّاكي الدِّماء! تلك هي طريقة بشَّار الجعفري مندوب النِّظام السُّوري في مجلس الأمن، الذي ولد في أصفهان بإيران عام 1956م ونشأ بها وأجاد الفارسيَّة، ومُنح الجنسيَّة السُّورية سنة 2000م، وإن كانت فارسيَّة الهوى تطغى على عروبته، إلَّا أنَّه أصبح اللسان الحامي للنِّظام ، المدافع عن جبروته وبطشه بشعبه الأعزل. بالأمس القريب وقف "الجعفري" يمارس إحدى مسرحيَّاته الهزليِّة ، ويرفع أصابع التهم إلى ثلاث دول اتهمها بدعم الإرهاب في بلده، وهي السُّعوديَّة إضافة إلى قطر وتركيا! لقد أفلس الرَّجل، وعجز عن تفسير الواقع السَّيء الذي تعيشه بلاده، والمجازر التي ترتكب بحق الأبرياء، والقصف المدمِّر الذي تقوم به الكتائب الأسديَّة على المدن السُّوريَّة فلم يجد إلا السعوديَّة ومن معها ليحملها تبعات الجرائم التي يمارسها النظام بشكل يومي، والتي تنقلها القنوات الإعلاميَّة بكل ما تحمله الصُّور من فداحة وبشاعة. لقد تناسى الواقع المرَّ الذي تمرُّ به سوريا وادَّعى أنَّ جماعة القاعدة هم من يمارسون قتل المواطنين في بلده، ولم يشر من قريب أو بعيد إلى الجرائم التي تمارسها الشَّبِّيحة، ويقودها الجيش، والتي ذهب ضحيتها أكثر من عشرة آلاف دُمرت بيوتهم، وعشرات الآلاف الذين شرِّدوا، ومئات الآلاف الذين زُجَّ بهم في المعتقلات. لقد علَّق الجعفري شمَّاعته على دول أبانت عن موقفها النَّبيل من الأحداث الدَّامية، ورفضت القتل والتَّعذيب والاعتقال الذي يتعرَّض له المواطن السُّوري، وقدَّمت موقفها الأخلاقي والإنساني والإسلامي، وعبَّرت عنه أمام الإعلام بكل أشكاله، ومن تلك الدول السُّعودية وقطر ومثلهما تركيا. وهذا الموقف النَّبيل هو موقف كل دول العالم ماعدا بعض الدول التي تعدُّ على أصابع اليد سعت إلى الحصول على بعض المكاسب المادِّيَّة. فهل تُلام السُّعوديَّة على موقفها النَّبيل، ووقوفها إلى جانب الحق؟ وهو ما أسعد أبناء الشعب السُّوري، وملأ قلوبهم غبطةً وبهجةً بوقوف إخوانهم في أرض الحرمين الشَّريفين إلى جوارهم حكومةً وشعباً. كان على الجعفري أن يتلمَّس الضَّوء للخروج من هذا النَّفق المظلم ، وينظر إلى القضيَّة بإنسانيَّة، لا أن يزوِّر في كلامه، فيناضل عن الباطل ويدافع عن الشَّيطان، ويزيد الأمر تعقيداً في بلاده. والله الموفق. *الأستاذ المشارك بكلية اللغة العربية بالجامعة الإسلامية .