أدواتهم من النحاس والجلد والحديد والخشب، وفنهم هو الزخرفة والقص والربط والتشكيل، ومنتجاتهم هي مخابئ السلاح والرصاص وبيوت الخناجر والجنابي والسيوف. تلك الصنعة التي ورثوها من الآباء والأجداد، وقتما كانت هي الأكثر رواجًا، والأكثر طالبًا بين الناس.. حرفتهم إذًا هي صناعة ما نسميه اليوم بالتراث، بينما كانت في السنين الخوالي من الصناعات الأساسية القائمة، التي يستخدمها الناس اعتياديًا، وليس كما باتت اليوم؛ مجرد إحياء للقديم، وحنين إلى الماضي. حرفة الآباء يقول العم محمد علي سليمان القثامي بأن صنعة الآباء والأجداد تواترت حتى وصلت إلينا الآن، وها أنا أخدم هذا المحل وتوارثته من والدي وخدمته إلى الآن أكثر من 70عامًا، حيث هو مصدر رزقي ومكاني المفضل بين تراثي وتحفي ونحتي وصنعتي، رغم أن كثيرًا من أبناء الجيل الحالي لا يعرفون أنها ذات قيمة عظيمة وثمينة بالنسبة لنا، وها نحن كل صباح نشتغل ونجتهد من أجل كسب الرزق الذي علمنا طريقه آباؤنا وأجدادنا، الذين علمونا سر الصنعة، التي لم يعد أحد من الأجيال الجديدة يعلم عنها شيئًا. ويتعجب صانع السيوف العم محمد حسين المالكي، الذي عاش بين صنع وزخرفة بيوت السيوف والجنابي، ترك الشباب لما ورثوه عن الآباء والأجداد، وأتعجب من ترك أولادي لمهنتي، بل ويشجعونني على تركها، وهي التي عرفتها من سن الصغر، وخلال الأيام المقبلة سوف يعرفون قيمة هذه الصنعة. وأوضح: أنا لم أطلب منهم التفرغ لها، ولكن أن يتعلموها في أوقات فراغهم، لأنها حرفة مفيدة، وصنعة في اليد أمان من الفقر. وتمنى العم المالكي لو عاد الزمن ليعرف هذا الجيل المكانة التي كنا نحظى بها في الماضي. هجر الصنعة ويشير العم محمد صانع الجلود لمخبأ السلاح والرصاص بشتى أنواعه إلى أن مهنته عرفها منذ نحو 60 عامًا، ويقول عنها: من أشرف المهن التي عرفتها، حيث أفتح دكاني كل صباح وأقص وأصنع وأخيط مخابئ السلاح، وأزخرفها وأجملها وأعرضها للبيع. ولكن ما يحزنني أن أغلب الدكاكين التي كانت حولي أقفلت أبوابها بسبب هجر أهالي الصنعة لها، أو تقبيل المحل للعمالة الأجنبية، بعد أن كان سوق البلد بالطائف يضم أكثر من 35 دكانًا، وكلهم سعوديون. ولكن الآن لم يبق سوى عدد الأصابع، ممن مازالوا باقون على العهد.