أجزم أن أحداً لن يختلف معي حول ما يُمثله توافر السكن الخاص من أهمية لأي مواطن على وجه البسيطة ؛ وهذا ليس من باب الترف بقدر ما هو أبسط الحقوق التي يجب أن يتحصل عليها أي مواطن ، ليتحقق له الأمن النفسي الذي يُفرِّغه لاهتماماته الشخصية ومهامه العملية ؛ التي سيكون مُحصلتها خدمة المُجتمع المُحيط به ، ودعم برامجه التنموية. ولكن المُتتبع لواقع الحال المُعاش يجد أن ثمة بوناً شاسعاً بين هذا الواقع وبين المأمول الذي يجب أن يكون ، لعدم وجود نسبة وتناسب بينهما ، بقدر ما تتعاظم هذه النسبة يوماً بعد يوم سلبياً؛ فالنمو – بل قل – الانفجار السكاني في اطراد متزايد ، والحلول المطروحة لفك اختناق أزمة الإسكان تسير سير السلحفاة، فالإحصائية التي أفرزتها سجلات التعداد السكاني الأخير تُثبت أن نسبة تصل إلى نصف عدد المواطنين لا يملكون سكناً خاصاً يُحقق لهم ولأسرهم الاستقرار النفسي ، وهي نسبة مرتفعة في دولة مترامية الأطراف مساحة، وقادرة على دعم هذا النشاط مادياً ، ولكن الملاحظ ضياع القضية بين هوامير تملكوا الأرض ولو تمكنوا من الفضاء لما تراجعوا، وبين إجراءات بيروقراطية حجَّمت البدائل المطروحة من أصحاب الرأي الذين ما فتئوا ينادون بها في أطروحاتهم ، وكأنها مُعضلة ثانوية لا يجب الالتفات لها الآن ، وأن الحديث عنها لا يعدو كونه افتعالا لمُشكلة تسبقها أولويات يجب معالجتها أولاً، ومن ثم ننظر في أمر الإسكان ، ولم يدر في خلدهم كم هي حجم المعاناة التي يتكبدها فاقد السكن جراء ضيق ذات اليد تارة ، وممارسات صاحب العقار السلطوية تارة أخرى. ولنكن عمليين في طرح حلول واقعية لهذه المُشكلة بعيداً عن التنظير غير المُجدي ، ولعلي أُلخصها في البدائل التالية : · منح جميع المواطنين – كحل عاجل – بدل سكن بواقع ثلاثة رواتب ، تتوقف مباشرة بمُجرد حصول المواطن على السكن الخاص به. · ضرورة تغيير ثقافة المُجتمع حول مفهوم السكن ، فليس من الضروري أن نواصل ما بدأه الأولون مساحة وتصميماً، بحيث تتولى الأمانات والبلديات إعادة النظر في توزيع مساحات أراضي المُخططات ، لضمان استفادة أكبرعدد ممكن من المواطنين. · فرض رسوم مادية سنوية على هوامير العقار المُحتكرين للأراضي الشاسعة ، بهدف دفعهم إلى البيع السريع ، مع ضرورة تحديد سعر المتر بما يتوافق مع إمكانات الناس، وليس كما يُريد صاحب العقار. · تفعيل الدور المُغيب للقطاع الخاص في هذا المضمار الحيوي ، وفتح باب الاستثمار فيه للاستفادة من إمكاناته المادية الهائلة للمساهمة في القضاء على أزمة السكن الخانقة وفق آلية تُحقق للطرفين أهدافها ، وتعكس قيامه بمسئولياته الاجتماعية تجاه أبناء وطنه. · إقامة مدن سكنية بمواصفات متكاملة الخدمات في الضواحي القريبة من المُدن ؛ بهدف تقليل الضغط المتنامي على المدن الرئيسة ، وعدم قدرتها على استيعاب المزيد من الكتل البشرية والخرسانية. · تسريع الإجراءات التي بدأها بنك التنمية العقاري مع البنوك التجارية ضمن مشروع – ضامن – ومراقبة البنوك في تنفيذ الشروط المُتفق عليها ؛ لضمان عدم سنّها لضوابط أخرى تعسفية - كما هو معمول به الآن من نسب مُبالغ فيها للتمويل العقاري - يكون ضحيتها المواطن الغلبان. · دعم مواد البناء من الدولة ؛ لضمان استقرار أسعارها عند مستوى يكون في متناول أيدي جميع المُستفيدين. [email protected] [email protected]