قصة مذهلة، وفصولها تجري في قلب الرياض العاصمة. الموضوع نشرته الحياة (22 أبريل) بعنوان (تجارة بندقية) أو (جفرة الديانة) في وسط الرياض في منطقة اسمها التاريخي ولا يزال (جفرة الملايين). وربما حكته إحدى حلقات (طاش ما طاش) في عام مضى، لكني ما كنت أظنها واقعاً لا يزال، وإنما ظننتها تاريخاً قد ولّى وزال. وطريقة الاستدانة بسيطة طبقاً للتحقيق الذي أجرته الصحيفة: ليس على المستدين سوى وضع يده على كيس القهوة وبعدها يكون قد ملك القهوة ليشتريها منه صاحب محل ثان من الديانة، مقابل 50 ألف ريال على أن يسددها 70 ألفا بمعدل 3 آلاف ريال شهرياً على مدى عامين تقل أو تزيد. ويقول أحد هؤلاء المرابين أنه يدين مليون ريال أحيانا إذا توفرت الضمانات الكافية. وفي الصفحة نفسها فتوى لابن باز يؤكد حرمة هذا التداول، كما يؤكد عضو هيئة كبار العلماء الشيخ قيس المبارك بأن هذا الأسلوب (تحايل على الربا)! وإذا كان الأمر كذلك فعلاً، فلمَ السكوت عليه، وأين الناهون عن المنكر عن هذا المنكر الفظيع الذي هو من الكبائر؟ أين المؤسسة الرسمية، بل المؤسسات الرسمية التي ينبغي لها أن تعظ وتزجر، وتأمر بالمعروف وتنهي عن المنكر! كيف يليق بنا النهي عن حلق اللحية في حين ندير وجوهنا عن حلق الدين؟ هل هذه إحدى صور الازدواجية التي نُهينا عنها؟ . جفرة الديانة سوق شعبي صغير يقع في الساحة الأمامية للمؤسسات الدينية الرسمية، وللأفراد المحتسبين، وهم كثر. لماذا يهيج البعض عندما يرى مهرجاناً يجمع الأسر فيحدث فيه شيء من الاختلاط، في حين لا يستنكر هذا المحرم الفظيع الذي يمارس عيانًا جهاراً؟ كيف نستنكر أعمال الربا في بعض بنوكنا، وهي مؤسسات رسمية في حين نمارس صمتاً هائلاً تجاه الربا إياه في جفرة الديانة! ليس هذا تحريضاً معاذ الله، ولكنه الخوف من التحذير الرباني لنا من الربا أولاً ومن استنكار أن نقول ولا نفعل. جفرة الديانة في نظري اختبار عسير لإرادتنا الأخلاقية والدينية، فهل ترانا نكون فيه من الناجحين؟!