في محل صغير جداً يجلس كبير «الديانة» عبدالعزيز الحصان البالغ من العمر 84 عاماً ينتظر زبائنه المحتاجين للسيولة النقدية، الذين عادة ما يكونون مسجلين في القوائم السوداء للبنوك، لأنهم لم يسدّدوا الأقساط المستحقة عليهم، فيكون طريقهم للديانة سهلاً جداً، بعد أن يكملوا جميع شروطهم. طريقة البيع بسيطة، ليس عليك سوى أن تضع يدك على كيس القهوة، وبعدها تكون ملكت القهوة، ليشتريها منك صاحب محل ثانٍ من الديانة، وتأخذ 50 ألف ريال مثلاً، على أن تسددها 70 ألف ريال، على أن يسدد المقترض 3 آلاف ريال شهرياً. يقول الحصان ل«الحياة»: «أعمل في هذا المجال منذ 60 عاماً منذ أن كان عمري 24 عاماً، كنا نديّن 10 آلاف ريال، على أن ترد 15 ألفاً، نحن الآن هنا سبعة من كبار الديانة في السعودية، ونبيع قهوة وهيلاً وشاياً وسكراً، وندين من ترفضه البنوك، ونضمن حقنا بالكفيل الغارم، إضافة إلى ضرورة أن يكون راتب المستدين عالياً، إضافة إلى أننا بعد تطبيق الشيكات من دون رصيد أصبحنا نضمن أموالنا بعد تهديده بشكواه لوزارة التجارة». رهن المنازل يستطيع الديانة في جفرة الملايين ضمان حقهم من خلال الشيكات والكفيل الغارم في المبالغ الصغيرة والمتوسطة، لكن ماذا عن المبالغ الضخمة؟ يقول الحصان: «إذا كان المبلغ أكثر من مليون ريال نرهن صك المنزل، وإذا لم يسدد نقوم برفع قضية عليه، ويحكم القاضي ببيع المنزل، ونأخذ أموالنا بهذه الطريقة، ولدينا ملفات كبيرة مليئة بالقضايا، وبعض القضايا تأخذ وقتاً طويلاً، ونسجلها في دفاتر قديمة وبخط اليد، ولدي أربعة محصلين لمتابعة القضايا، أضع أوراقهم في خزانة حديد عمرها 50 عاماً». وأضاف: «أبنائي لا يعملون معي، فلديهم أعمالهم الخاصة، فأنا أزاول عملي بمفردي وأقضي وقتي في محلي، والبعض من الديانة ورّث محله لأبنائه الذين أكملوا مسيرة والدهم». النساء والأسهم اشترى عمدة الديانة في الجفرة المحل الصغير قبل عشرات السنين بمبلغ 150 ألف ريال، والآن لديه أكثر من 500 عميل يسددون شهرياً المستحق عليهم، ولا يخفي بغضه للتعامل مع النساء في مجال الدين «أكره التعامل مع النساء لأنهن لا يسددن، ونقع معهن في مشكلات». لكن على رغم تجارته الناجحة، إلا أنه خاض تجربة «الأسهم»، لكنها كانت تجربة فاشلة «خسرت في سوق الأسهم 700 ألف ريال، على رغم أنني لا أحب الدخول فيها، ولكن خلال فترة وجيزة استعدت المبلغ من تجارتي»، مشيراً إلى أن أكبر مبلغ أقرضه تجاوز المليون ريال، وأكبر مبلغ قمت بتدينه هو فوق مليون ريال، وأقل مبلغ 5 آلاف ريال». خدعة المظهر للوهلة الأولى، ستستغرب عند دخولك إلى أحد الدكاكين الشعبية المعدودة في الجفرة من أنك ستخرج نائلاً مبتغاك، فالدكاكين الضيقة التي لا يزال بعضها من اللبن لا توحي أبداً بأن «المال» مختبئ في أحد جنباتها. مظهر يخدع الزائر في تجربته الأولى، «فبعض الديانة ترى حاله ومحله صغيراً جداً، ولا يزيد عن ثلاثة أمتار، ولكنه يملك بلايين الريالات، بل إن بعضهم يملك مئات ملايين الريالات»، كما يذكر الحصان. وعن أبرز دوافع «طالبي المداينة» في طلب الاقتراض قال: «حاجة الناس تختلف، فالبعض يريد الزواج، أو إكمال منزله، أو شراء سيارة، أو فتح مشروع». وعن الفئة المستهدفة في الدين، عدد ذو السنوات الستين في السوق أنواع المقترضين: «نعلم أن هناك مواطنين لا يستطيعون التعامل مع البنوك لمخالفات سابقة عليهم، وبعضهم لديه منزل يريد بناءه، وهناك من هو محتاج لمبلغ، حتى يكمل البناء، فنحن كديانة نأخذ الضمانات اللازمة، ونكمل الإجراءات مع بعضنا، وفي السابق كانت الفئة المستهدفة هي من يعملون في إدارة المجاهدين أو الخويا، وكان راتبهم قليلاً جداً لا يتعدى 300 ريال، وكنا نكسب منهم شهرياً 45 ألف ريال». ابن باز:هذا البيع لا يجوزقيس آل مبارك: تحايل على الربااقتصاد خفي وسوق سوداء واستغلال لحاجة المواطن«الديانة»... ملجأ الممنوعين من الاقتراض من البنوك«تجّار بندقية» في وسط الرياض!