اكتشف العلم دلائل على الارتباط الوثيق بين الجسد والروح، و تأثر المشاعر والسلوكيات الإنسانية، بتغيرات حيوية بدنية، غاية في الدقة والتنظيم. واستطاع العلماء استثمار ذلك في التأثير على السلوك البشري، عن طريق علاجات دوائية منها - على سبيل المثال - بعض علاجات الاكتئاب والتوتر، التي تتحكم في مستويات هرمونات محددة (كالسيروتونين)، تساعد على علاج فرط الشعور بالإحباط، والإسهام في ضبط ردود الأفعال تجاه الأحداث المحيطة. أما الاكتشاف المذهل، فهو الإشارة إلى ارتباط الفضائل الأخلاقية، بهرمون يُسمّى "أوكسيتوسين"، تفرزه الغدة النخامية في المخ، استجابة للرضاعة، والعِناق، والشعور بالسعادة لأسباب عاطفية، وعند أداء واجبات دينية (كالصلاة)، والإحساس بالتعاطف مع الغير، مما حدا بالعلماء تسميته (هرمون الحب)، فقد لوحظ انخفاض إفرازه لدى الأشخاص المُخادعين، والمُتعجرفين، والمُتلاعبين بغيرهم، وغير المبالين بشعور الآخرين، ومرضى العُدوانية الاجتماعية، والأنانية المفرطة، لكن الأعجب، نتائج بعض التجارب العلمية، التي بينت أن إعطاء بعض الأشخاص جرعات من هرمون الأوكسيتوسين، يجعلهم أكثر سعادة وثقة بغيرهم، واهتماما بمساعدة الناس وإسعادهم، وحتى أكثر كرما وبذلا للمال. من هذا المنطلق، أقترح إنتاج "الأوكسيتوسين" على شكل "كبسولات"، يتم وصفها كعلاج للمُديرين المُتسلّطين، وبعض المسؤولين الذين يُلحقون الأذى بالموظفين، ويعطّلون قرارات تصب في مصلحة المواطنين والمقيمين، نتيجة سوء نفسياتهم واضطراب أمزجتهم، وعدم تصالحهم مع أنفسهم، وهوسهم بحب التحكّم، وكذلك المتورطين في قضايا الاختلاسات والرشاوى والفساد الإداري، وقائدي السيارات الذين يتعرّضون للشوارع ذات الازدحام الخانق، والمخالفات المرورية ذات الطابع العدواني، إضافة إلى الذين يعانون من بطالة غير مُبررة، تجنّبا ليأسهم من الحياة، وحثّهم على الصبر الجميل، وحبّذا لو تمّ إدخاله في صناعة المواد الغذائية، كالعصائر ومشتقات الألبان، في المجتمعات التي تنتشر فيها السلوكيّات المَقيتة، كالعنف الأُسري وسوء الأدب الاجتماعي، لمحاولة نشر السعادة والحب، وضبط النفس، والأُلفة والاحترام المتبادل، وثقافة إتقان العمل، والحد من الفساد والتجاوزات الأخلاقية، التي لم تُفلح - في رأيي - المقررات الدراسية، والتربية الاجتماعية، وبعض الأنظمة والقوانين، في كبح جماحها، والقضاء على مظاهرها و مضاعفاتها !!.