«ليس كل من عجن عجينًا وتمرًا صنع معمولًا».. تلك مقولة أشهر صانعة معمول في مكةالمكرمة السيدة عائشة عبدالصمد عارف، التي تناهز الثمانين من عمرها، وهي من أسرة مكاوية اشتهرت منذ عقود بخدمة الحجاج وصناعة المخبوزات وتقديمها لزوار البيت الحرام. «المدينة» التقت السيدة عائشة لتستعيد معها ذكريات طفولتها في ذلك الماضي الجميل، وبدايتها مع صناعة المخبوزات، وكيف استطاعت أن توفر مجالات عمل لعشرين من أحفادها، من خلال عملها وخبرتها. بداية منزلية تقول السيدة عارف: كنا نقوم بصنع المعمول في المنزل أنا وعماتي، وكانت هذه اللحظات تشعرني بسعادة غامرة حيث كنت أوقن أنني أقوم بعمل متقن وعلى أصوله، على الرغم من عدم توفر الآلات الحديثة المتوفرة اليوم، إلا أن الطعم في السابق كان أفضل بكثير، واستمر عشقي لصناعة المخبوزات بشكل عام والمعمول بشكل خاص حتى بعد زواجي، وبعدما أنجبت أبنائي الخمسة: فوزي وعبد الإله وعبدالملك وليلى وزكية، وأصبح أبنائي يساعدونني في صنع المعمول، وورثوا هذا العشق لأبنائهم، فأحفادي جميعهم يساعدونني بصنع المعمول فهم أحبوا صنعه كثيرا منذ طفولتهم. وعن الفرق بين الأوضاع التي نعيشها اليوم وما كانت عليه في السابق تقول أم فوزي: إذا تحدثنا عن الماضي فلا نرغب في تذكر إلا الجميل منه، لأن النعمة التي نحن فيها في الوقت الراهن أنستنا ما كان في الماضي من مشقة الحصول على ما نريد من المنتوجات أو المواد المستخدمة في صناعة المعمول، على عكس الآن فأسواق المواد الغذائية كثيرة بل بعض التجار يكون عندهم خدمة التوصيل المجاني، ولكنه الحنين إلى الماضي، وقديمك نديمك. انطلاقة بيبي معمول وتستذكر أم فوزي بداية انطلاقة فكرة إنشاء «بيبي معمول» فتقول: جاءني احد أبنائي وقال لي امنحي الناس فرصة التعرف على المعمول الحقيقي فليس كل من عجن عجينا وتمرا أسماه معمولا، فلماذا لا نفتتح محلا للمعمول نعجن في المنزل ونخبز في السوق، عندها يبدأ الناس بتذوق المعمول جديدا وساخنا وطازجا، ويتعلم الجيل الجديد طريقة النقش قديمة. وتضيف: المعمول تراثي ذو قيمة غذائية كبيرة، فأحببنا ان يتعرف عليه الناس عن طريق تجديد طريقة تقديمه لهم مع المحافظة على هوية المعمول وطرق عمله بحشوات مختلفة غير ما اعتادوا عليه، فأدخلنا الشوكولاتة والتوفي والمكسرات حتى يستمر هذا التراث للأجيال القادمة. فكنا في القديم نقوم بصنع المعمول للهدايا وفي المناسبات أما الآن فهو على مدار السنة وليس فقط في المناسبات لأنه وجبة خفيفة ولذيذة. أبرز الصعوبات وتشير الجدة عائشة إلى أن صعوبة قبول بيع المنتج المحلي لدى المستهلكين في العصر الحديث وكثرة شروطه واحتياجه لمبالغ مادية هائلة قد تؤدي الى قتل العديد من الأفكار والأحلام والمشاريع المبتدئة لعدم مجاراتها للشركات الكبيرة التي اكتسحت السوق واستحوذت عليه، وهذه قد تكون العقبة الكبيرة التي تواجه أي مبتدئ. فرص وظيفية وفي مواجهة من السيدة عائشة لموجة البطالة التي يعاني منها الشباب اليوم استطاعت أن تحتوي 20 فردا من أحفادها 12 فتاة و7 شباب بافتتاحها لمشروع «بيبي معمول»، حيث تضامنت هي وأحفادها وأسسوا سويا هذا المشروع الذي أغنى أكثر من نصف أحفادها الأربع والثلاثين الذين وقفوا جميعا لدعم مشروع جدتهم عن معاناة البحث عن الوظائف، مستخدمين عبارة «هذا معمول جدتي» للتسويق لمنتجاتهم.وعن مدى تحقيق مثل هذه المشاريع لفرص وظيفية قد تغني الشباب عن معاناة البحث عن وظيفة رسمية تمنت السيدة عارف إبلاغ المسؤولين بتخفيض أسعار المكينات والأفران ومواد التغليف، لمساعدة المشاريع الصغيرة على النجاح والاستمرار.