منذ عقود مضت والترنيمة السورية واحدة: الحرية - الديمقراطية - الوحدة - مقاومة الاستعمار. الواقع الحالي أثبت أن الطائفية، والفتنة، والقمع هي إستراتيجيات النظام الدموي في سوريا. بعد الهزيمة النكراء (هزيمة حزيران 1967) التي صنعتها أطراف عديدة، أطلقت سوريا البطلة أبواق الفداء، أو أبواق المحارق المعلنة للشعب الفلسطيني. نصبت سوريا البطلة مخيمات للكفاح المسلح. وأطلقت جيشًا من الفدائيين لتحرير فلسطين. وكان هؤلاء الفدائيون من أبناء اللاجئين في المخيمات الفلسطينية، في سوريا. وكانوا أول طلائع الوقود البشري لمحارق هذا النظام البائد..! لم تتحرر فلسطين بالفدائيين، ولا بعملياتهم العسكرية المحدودة ضد الدولة المارقة: إسرائيل الشر والكراهية. أبناء الفدائيين الآن المتناثرين في البقاع العربية يعانون من الفقدان: فقدان آبائهم، وفقدان أرزاقهم، وفقدان كرامتهم، وفقدان رغيف الخبز، وفقدان الحرية الكرامة؛ بسبب الحصار المضروب عليهم، من كل الجهات. كان الإنسان العربي -إجمالاً- يحلم على هذه الأرض بأشياء بسيطة: برغيف الخبز، بأبناء يربيهم، بزوجة تستره، ببيت يؤويه، بكرامة توفّر له أفقًا للسلام والتوازن. ولكن هذا لم يحدث. لقد أصبح هذا الإنسان عبدًا مستضعفًا لطغيان أشدّ. طغيان لم يأتِ به الاستعمار، ولا أزلامه. إنه أيُّها السادة طغيان البعث، أو العبث السوري. الحزب الأوحد، الحزب الدموي الذي انكشفت عوراته بفعل تقنيات الإعلام الرقمي: بفعل الإنترنت، وبفعل مواقع شبكات التواصل الاجتماعي (تويتر، وفيس بوك، ويوتيوب، وغيرها...). لا تنتصر سوريا في المعارك. جميع معاركها ضد إسرائيل كانت خاسرة. تنتصر سوريا البطلة بقيادة حزب العبث على المواطن المستضعف، الذي ظلّ ذليل العبودية والنار والقيد منذ النصف الثاني من القرن العشرين الماضي، وحتى الآن. لم يشبع السوريون المواطنون، وسكان المخيمات الفلسطينية من الخبز، والكرامة، والهواء النقي. جاء حزب العبث فبعثر كل شيء: أهدر دم الفلسطيني، وسدّ منافذ النور، وسحب الأوكسجين من الهواء، وأطلق خفافيش الظلام، وكلاب المخابرات السورية المسعورة وراء مخلوقات بشرية، روّعها الإرهاب السوري..! يزحف المواطنون السوريون إلى الأردن. ويزحف معهم اللاجئون الفلسطينيون من سوريا البطلة إلى الأردن. الأردن تفتح ذراعيها للإنسان العربي المضطهد على هذه الأرض. الأردن يعيش فيها: أبناء الأردن إلى جانب أبناء سوريا، وأبناء العراق، وأبناء فلسطين الزاحفين من سوريا. (*) باحث في الإعلام الرقمي [email protected] @walharthi