كثر في أيامنا هذه أن تسمع كثيرا من العامة يفتي بعضهم بعضا بما لا يعلمون. فتجدهم يقولون هذا حلال أو حرام أو واجب أو غير واجب وهو غير فقيه فيه .. ولا عالم له. يبني على الظنّ .. ويفتي على هواه .. وتجد الواحد منهم إذا رأى شخصا يريد أن يستفتي عالما يقول له و ما الحاجة في أن تستفتي في هذا .. فالأمر واضح .. فيقول له: هذا حرام .. وقد يكون حلالا فيحرّمه .. أو يقول هذا واجب فيلزمه بما لم يلزمه الله به!! أو يقول له: هذا غير واجب فيسقط عنه ما أوجب الله عليه . وفي هذا تجاوز عظيم .. وتعدٍ على الشريعة وسوء أدب مع الشارع جلّ شأنه .. ولا أدري كيف يعلم المرء منا أن الحكم لله ثم يقول في دينه وشريعته ما لا يعلم. ّ وحكم هذا واضح إذ قرن الله تعالى القول عليه بلا علم بالشرك به في قوله: (قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ والإثم وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ) إنّ ديننا اليوم يواجه خطرا من أبنائه والمنتسبين إليه .. أشد فتكا من خطر أعدائه. إذ أصبح بعض من اطلع على بعض الكتب الدينية أو الفقهية يفتي .... دون أن يتقي الله . وما أفسد الدين إلا نصف متفقّه!! وما أضرّ بالناس إلا من هم أجهل الناس في أحكام الله!! وبعضهم صار لشدّة جرأته وعدم ورعه يقول عن الشيء البيّن التحريم والواضح الحكم : ما أظنه حراما !! أو عن الشيء البيّن الوجوب الواضح الإلزام : ما أظن هذا واجبا وقد يفعل ذلك عن جهل .. أو إتباعا لهواه .. أو استهتارا منه .. فيوقع الناس في تشكيك في أمر دينهم !! إنّ نبيّ الله نفسه صلّى الله عليه وسلّم يُسأل عما لم يعلمه ولم يحط به فينتظر حتى ينزل عليه الوحي بالإجابة من الله سبحانه . وقد كان كبار الصحابة إذا عرضت عليهم مسألة لا يعرفون فيها حكم الله .. توقّفوا عندها، وهابوا القول فيها، واستشاروا فيها. فمن الأدب والنزاهة إذا سئل المرء عن علم يعلمه فليقل به ومن لم يكن عنده علم فليقل : (الله أعلم). فمن العلم أن يقول لما لا يعلم: الله أعلم. إننا بحاجة لأن يُهتم بهذا الأمر العظيم في التوعية بشأنه. وشأن خطورته. وأن يعي الناس أن للدين أهله وعلماءه.. وأنه ينبغي أن يُتقى الله فلا يُسأل إلا ذو علم متخصّص.