استطاع قطاع المعدات الثقيلة أن يسجل رقما قياسيا في جذب جيل جديد من فئة الشباب الراغبين في تغيير مسارهم العملي حيث بدأت أعداد متزايدة من هؤلاء الشباب تهتم بهذا القطاع الذي كان يقتصر إلى وقت قريب على كبار رجال الأعمال نظرا لحجم استثماراته التي تصل في اقل تقدير إلى المليون ريال وهو رقم قابل للزيادة بحسب نوع المعدة والدولة المصنعة وتاريخ الصنع والموديل. وعملت الطفرة العقارية واستقرار اقتصاد المملكة على جذب الكثير من الشباب بأفكارهم إلى الدخول في مجال الاستثمار في المعدات الثقيلة، وهذا ما علق به الشاب علي الشريف قائلا: فضلت العمل الحر من خلال الدخول فى قطاع المعدات الثقيلة فقاده تفكيره الى شراء شيول وتأجيره إلى أحد الشركات، مشيرا الى انه وجد صعوبة في تمويل مشروعه في بداية الأمر فاقترض من والده مبلغا على ان يسدده على دفعات وبدأ بالفعل في حفر الأراضي ورفع مخلفات المباني وخلال سنة ونصف حقق ربحا جيدا وتمكن من سداد كامل المبلغ الذي حصل عليه من والده. ولم تكن تجربة الشريف هي النموذج الفريد، فقد كان للشاب نايف تجربة من نوع آخر استخدم فيها التقنية الحديثة في الحصول على مبتغاه، إذ تمكن من خلال الانترنت الحصول على شاحنة معروضة للبيع بإحدى الدول الاوروبية، موديل 92، وسافر وعاين الشاحنة، واتم الصفقة بمبلغ 110 آلاف ريال، وعندما عاد إلى المملكة تم تأجيرها إلى احدى الشركات المتخصصة لنقل البضاعة، ليحقق دخلا ثابتا 13 ألف ريال، بعد مصاريف الصيانة، واجرة السائق. من ناحيته أكد «م.السالم»، أن تجربته كانت مغامرة، إلا أنها مغامرة ناجحة، نقلته من قائمة طابور انتظار الوظيفة إلى صاحب عمل في قطاع تأجير المعدات الثقيلة، ويقول: تعاقدت على شراء حفار، ودفعت 50 في المائة من قيمته، والباقي اقساط شهرية بمعدل 12 ألف ريال، مشيرا إلى أن السائق واعمال الصيانة الدورية تستقطع منه 3500 ريال، مؤكدا ان مبلغ التأجير وصل إلى 20 ألف ريال، وهو ما يحقق له دخلا ثابتا، وقادته التجربة إلى الخوض في غمار مثلها، حيث يستعد للتعاقد على شراء حفار آخر بعد ان توسع حجم الطلب لديه. أما أبوبكر السعدي «سائق قلاب» أشار الى أن عائدات استثمار المعدات الثقيلة مرتفعة بالرغم من المتاعب التي تكتنف هذا المجال حيث يبدأ دوامه منذ الصباح الباكر الى المغرب ويتعرض لصعوبات في الحركة والنقل بسبب زحام المركبات في شوارع جدة مشيرا إلى أنه يتقاضى راتبا 3000 ريال شهريا كما انه يحصل على عمولة تحفيزية قدرها 10 ريالات لكل حمولة. سحب البساط من جهته أوضح علي القحطاني مستثمر وخبير في مجال المعدات الثقيلة أن الاستثمار في قطاع المعدات الثقيلة خلال الفترة الماضية كان محصورا على رجال أعمال الشركات الكبيرة نظرا لتكلفته العالية لشراء هذه المعدات، مشيرا إلى أن رجال الأعمال يقتصر دورهم على شراء كميات كبيرة من المعدات المختلفة والاستخدامات المتعددة ويقومون بتأجيرها بأسعار مرتفعة إلى أصحاب المشاريع التي يجرى تنفيذها داخل المملكة وإذا ما انتهى العقد يتم البحث عن مشروع آخر وهكذا، مشيرا إلى أن الطفرة العقارية التي تشهدها المملكة كان لها دور كبير في استقطاب الشباب لهذا النوع من الاستثمار. وابان القحطاني: أن المعدات الثقيلة تختلف بين شاحنات تستخدم لنقل البضائع من منطقة لأخرى او قلابات لنقل البطحا ومخلفات المباني بالإضافة لوجود معدات أخرى كالشيولات ومعدات للسحب والتحميل وتكسير الجبال والمباني في حالة الإزالة. وأضاف القحطاني: أن الوضع اختلف هذه الأيام كثيرًا بعد أن استقطب القطاع فئة الشباب الذين يتفقون فيما بينهم على دخول هذا المجال والتعاقد على تنفيذ المشاريع المختلفة ويتذكر القحطاني قصة ثلاثة شباب كانوا يعملون في القطاع الحكومي بوظائف مختلفة لكنهم اتفقوا فيما بينهم على شراء مجموعة من المعدات الثقيلة «المستعملة» عبارة عن قلاب وشيول وسيارة سحب المعدات بمساعدة قرض مالي من احد البنوك وقاموا بتأجير هذه المعدات على أحد الشركات التي تعمل في تنفيذ عدد من المشاريع الحكومية، مؤكدا ان هؤلاء الشباب الثلاثة أصبحوا الآن من كبار المستثمرين في قطاع المعدات الثقيلة.