أطاحت الإكسسوارات المقلدة بجانب ما يسمى «الذهب الصيني» بسوق المعدن النفيس محققة بذلك القاعدة الاقتصادية الشهيرة «العملة الرديئة تطرد العملة الجيدة من السوق» حيث تراجعت مبيعات الذهب بشكل كبير خلال الأشهر الأخيرة ملحقة خسائر ضخمة بأصحاب مصانع وورش ومحلات الذهب، واضطر بعضها إلى تعليق نشاطه، فيما ارتفعت بشكل ملحوظ مبيعات «الفالصو» والموديلات المستوردة من دبي وماليزيا وتركيا أمام اندفاع نسبة كبيرة من السيدات نحو اقتنائها تأسيًا بنجمات السينما والمذيعات الشهيرات اللواتي يخصصن لكل فستان أكسسسوارات مقلدة تتناسب معه. وقدر تجار ورؤساء وأعضاء لجان خبراء ومختصون في الذهب انخفاض مبيعاته بنسبة 50% خلال العاميين الماضيين بسبب عدة عوامل أبرزها الارتفاع غير المنطقي في أسعاره كأحد آثار الأزمة المالية العالمية وزيادة الطلب على السبائك الذهبية كملاذ آمن، فيما علقت أكثر من 30% من المحلات نشاطها وحل وافدون يعملون لإدارة النشاط تحت غطاء «التستر»، فيما حمل شبان أصحاب محلات الذهب مسؤولية عدم نجاح برنامج سعودة قطاع الذهب والمجوهرات، لإصرارهم على جعل ساعات العمل «فترتين»، وقلة الرواتب وعدم الشعور بالأمان الوظيفي مما أدى لعزوف الشباب عن الإقبال على تلك المهنة مقارنة بإقبال عدد كبير من الوافدة. ووصف مصدر مطلع في لجان وتجارة قطاع الذهب أن السوق في حالة مخاض، ولفت إلى وجود أكثر من 5 آلاف محل ذهب في المملكة تعاني من حالة ركود شديدة، وقال إن المحلات التي كان نسبة العمالة السعودية بها 80% قبل 5 سنوات انخفضت إلى أقل من 20% ، ودلل على ذلك بأن لجنة الذهب أغلقت الأسبوع الماضي 70% من محلات الذهب في إحدى أسواق الرياض لعدم تطبيق الأنظمة. ويرى صغار التجار أن الحل في تطبيق قرار سعودة محال الذهب، بعدما اخترق السوق وافدون يحملون شهادات خبرة «مضروبة»، وبيّن أن تجارة الألماس مزدهرة وعملها ينمو بثبات، بينما تجارة الذهب فقدت نسبة كبيرة من السوق، وتحولت بسبب ارتفاع أسعار الذهب العالمية إلى منتجات أخرى دخلت السوق مثل الأطقم المقلدة والإكسسوارات والفضيات. ومن جهته أرجع شيخ الجواهرجية ورئيس لجنة الذهب والمجوهرات بغرفة تجارة جدة سابقًا جميل فارسي الارتفاع خلال العاملين الماضيين إلى عدة عوامل أبرزها ندرة الذهب على مستوى الإنتاج العالمي، وسوء الإدارة الاقتصادية في العالم، مشيرًا إلى أن الكوارث المالية التي حدثت بسبب تغلغل الرأسمالية أدت إلى زيادة غير مسبوقة في الطلب على الذهب كملجأ للثروة، وبالتالي انتقل الاستخدام الأساسي من استخدامه للحلي والزينة إلى استخدامه كأداة للقيمة خاصة في ظل تذبذب أسعار العملات الرئيسة في العالم مثل اليورو والدولار. ولفت فارسي إلى أن ذلك الارتفاع أدى إلى زيادة غير عادية في أسعار المشغولات الذهبية، علاوة إلى انفتاح الجيل الجديد على المشغولات المقلدة، ما أدى إلى انخفاض الطلب على الذهب إلى جانب أن خطوط الموضة خلال الثلاثة العقود الأخيرة اتجهت نحو الفضة أو ما يعرف بالذهب الأبيض، وأشار إلى أن تلك المعطيات دفعت بعض محلات الذهب إلى تغيير نشاطها إلى الإكسسوارات أو إلى الفضيات. واعتبر فارسي «ظاهرة التستر» في المملكة، الداء الرئيس الذي ينهش السوق، حيث تسيطر عمالة وافدة على السوق رغم مخالفة ذلك للأنظمة، وقال: «من السذاجة الاعتقاد أن البقالات والمؤسسات الصغيرة المنتشرة في الأحياء تدار وتملك من قبل سعوديين، في حين قطاع الذهب هو أحد أهم قطاعات النشاط الاقتصادي في المملكة يدار من قبل وافدين وبسجلات تجارية يملكها مواطنون». وعن دور مجلس الذهب العالمي في إعادة الانضباط للسوق العالمية وبالتالي استقرارها محليًا، قال إن المجلس لتنمية مبيعات الذهب على مستوى العالم، وهو يمثل مصالح أصحاب مناجم الذهب لتنمية مبيعاتهم بجانب تدخل الصين والهند، في جعل أولوياته تتجه شرقًا. وفي تعليقه على إشكالية ارتفاع الأسعار واستمرار الركود، أوضح رئيس لجنة الذهب في اللجنة الوطنية بمجلس الغرف السعودية سابقًا وعضو مجلس الغرف الخليجية والسعودية عبداللطيف النمر أن مجلس الذهب العالمي أغلق مكتبه الذي كان بجدة وانتقل إلى الهند لأن «الهندي لا يزال متعلقًا بالذهب»، بينما تحول تفكير الجيل السعودي من الذهب إلى الإكسسوارات، لافتًا إلى أن أكثر من 70% من الجيل الجديد بالمملكة تحول إلى الإكسسوارات مع أن التزين بالذهب أفضل من الناحية الصحية من الإكسسوارات الضارة على البدن بسبب الطلاء الذي يمتصه البدن. ولفت النمر إلى أن مبيعات الذهب بالمملكة انخفضت بنسبة 50% خلال السنوات الأخيرة، كما أن حجم تداول السوق انخفض من 200 طن إلى 100 طن سنويًا، بينما انخفض سوق المنطقة الغربية بنسبة 25%، ما أدى إلى إغلاق كثير من محلات الذهب مقابل افتتاح محلات تحت غطاء التستر.