تتواصل جرائم النظام السوري ضد شعبه، فيما يتواصل بطء جهود المجتمع الدولي لوقف المجازر بحق السوريين، وبينما تبدي واشنطن شكوكها إزاء تصريحات المبعوث الدولي/ العربي إلى دمشق كوفي عنان، بشأن موافقة بشار الأسد على سحب الآليات الثقيلة من شوارع المدن الكبرى بحلول العاشر من ابريل الجاري، فإن كثيرين حول العالم لا يبدون حماسًا كافيًا لوقف فوري لنزيف الدماء في صفوف أبناء الشعب السوري، بينما يواصل النظام القتل، ويواصل الشعب الثورة. الحديث عن سحب الآليات الثقيلة من المدن الكبرى في سوريا، لا يوفر بذاته ضمانات ضد القتل بوسائل أخرى، لن يعدمها نظام يتزايد إدراكه لحقيقة أن طريق الرجوع باتت شبه مسدودة، وكذلك حقيقة أن احتمالات إفلاته من السقوط باتت شبه منعدمة. الأسد تحت حصار يتزايد إحكامه اقليميًّا وداخليًّا، وكلّما زاد الحصار تراجعت خيارات النظام، وباتت أكثر دموية فيما يحارب معركته الأخيرة، ولهذا فإن مهلة عنان في مثل تلك الظروف، قد لا تعدو كونها مهلة للقتل، سواء بالآليات الثقيلة أو بغيرها، وسواء في المدن الرئيسة، أم في القرى النائية. فمهلة عنان لم تشمل المدن الصغيرة، والقرى الدانية أو النائية، كما لم تشمل أسلحة صغيرة، وشبيحة كبارًا مازال النظام يعتمد عليهم في أعمال القتل والترويع، مدّعيًا عدم قدرته على السيطرة عليهم. متوسط عدد ضحايا النظام السوري يقترب من 80 قتيلاً كل يوم، عدا مئات المصابين والمعتقلين، وبحسبة بسيطة فإن مهلة عنان سوف تتيح للنظام -حال التزامه بالمهلة فى العاشر من ابريل الجاري- قتل قرابة ستمائة مواطن، وإصابة واعتقال الآلاف غيرهم. وفيما يبدو فإن عداد النظام الدولي لا تحرك شجونه مثل تلك الأرقام، ويحتاج إلى المزيد من الضحايا الأبرياء قبل أن يرمش جفن العدالة الدولية، وتتحرك القوى الفاعلة لإنقاذ شعب يواجه الإبادة على يد حكامه. أرواح الأبرياء من البشر ليست مادة للمساومة على طاولات التفاوض، ولا يبنغي لها أن تكون، والتحدي الحقيقي الذي يواجهه النظام الدولي الراهن في تقديم البرهان على قدرته على حماية البشر الأبرياء، ووقف أعمال الإبادة ضدهم. الموقف الدولي تجاه مجازر سوريا مازال أقل كثيرًا ممّا ينبغي، وأبطأ كثيرًا ممّا يجب فعله لوقف المجازر، وإنقاذ أرواح الأبرياء.