نعرف تمامًا أن تاريخ الأغنية والكلمة السعودية عريق ذي جذور قديمة وأسس بنيت منذ زمن طويل.. توالت على تقدمها وتطورها أجيال متعددة من كتّاب وملحنين ومؤديين منذ فترة الأسطوانات.. أو كانت تقدم بمجهود دون مقابل.. سوى حب العمل الفني وقيمة الكلمة التي تؤدي إلى المتلقى.. منذ زمن سعيد أبو حشية وحسن حاوة.. والأجيال التي تلتم.. ولم تظهر الأسطوانات بشكل لافت إلا بعد رحيل هؤلاء الآنفي الذكر.. وكانت الأسطوانات عهد جديد ومفرح لحفظ الموروث والأغنية السعودية في ذلك الوقت.. وظهر منتجين للأسطوانات وكانت لهم صلة بالأجواء الفنية سواء كان كاتبًا أو مطربًا ومنهم الراحل لطفي زيني الذي قدم شركة إنتاج للأسطوانات وقدم أعمالًا محلية وعربية من خلال شركته بالإضافة إلى كونه شاعرًا غنائيًا.. ووصلت الأغنية السعودية إلى مصاف الخليجية والعربية وأصبحت ذات شخصية متميزة وهوية معروفة بدءًا من زمن طارق عبدالحكيم الذي قدم ألحانًا سعودية لأصوات عربية وأيضًا جميل محمود الذي قدم لهيام يونس وشريفة فاضل وغيرهم من الفنانين، وكان هذا انتشار مبكر للأعمال السعودية في ذلك الزمن. وبعد ذلك جاء زمن طلال رحمه الله ومحمد عبده وعبادي الذين سافروا أيضًا للغناء على المسارح العربية والخليجية وجعل الأغنية السعودية الحديثة أكثر انتشارًا عربيًا وخليجيًا وهذا جميل، لكن المخيف في هذا العصر الجديد بعد رحيل طلال.. وتوقف محمد عبده.. وبطئ عبادي.. قدم زمن التخبّط.. ولم تعد أصوات مثل تلك السابقة تناضل من أجل البقاء الذي دام سنوات طويلة.. وفي المقابل لا نلوم هؤلاء العناصر الثلاثة لظروف خارجة عن إرادتهم وقدموا ما يفوق إمكانياتهم بمراحل.. وكفى بل يشكرون عليه.. لأن العمر محدود وينتهي.. وظروف الحياة المختلفة من تعثرات مختلفة تداهم الإنسان رغم إرادته ومنها عامل السن.. فليس من المعقول أن يقدموا أعمالًا لمدة 50 سنة وأكثر.. أو حتى أربعين.. خلاصة الكلام.. أين الطاقات والعناصر التي سوف تكمل المسيرة.. وتحافظ على تواجد الأغنية السعودية في المحافل العربية كما كانت وهي الآن في مرحلة أكون أو لا أكون.. إما أن تتقدم وإما أننا نحتاج إلى مواهب كتلك التي كافحت وبنت وهذا الاحتياج والبحث يحتاج إلى زمن طويل جدًا جدًا.