الموانئ والمرافئ: يفرّق الدكتور محمد أحمد الرويثي بين المرفأ والميناء، فيقول: المرفأ هو موضع ساحلي هيأته عوامل جغرافية وجيولوجية وطبيعية مختلفة، فيظهر في بعض المناطق في صورة منطقة مياه محمية وصغيرة تمثل مأوى مؤقتًا (Haven). إلا أن الصورة الغالبة التي يبرز فيها، عبارة عن منطقة مائية مقفلة جزئيًا (Harbour) ممثلة في الشرم (Creak) أو الخلجان الصغيرة (Inlet) وكذلك المصب الخليجي (Esturay) وتقدم مرسى محميًا وأمنًا للسفن. ومن خصائص المرافئ الطبيعية عمق المياه نسبيًا وبدرجة تكفي لرسو السفن الصغيرة، وتكون مناسبة لتوفير التحرك الملاحي. والمرفأ (Harbour) قد يكون: أ- طبيعيًا: مثل الخلجان ومصبات الأنهار الخليجية وهي التي هيأتها الطبيعة. ب- صناعيًا (Artificial): وهو المرفأ الذي أنشأه الإنسان عن طريق بناء حواجز الأمواج (Moles). ثم يقدم الدكتور الرويثي تعريفًا للميناء فيقول: أما الميناء (Port)، فقد اختلفت الآراء حول تعريفه، فمنهم من قصد به: المكان الذي تقوم فيه الاستعدادات والتسهيلات لنقل البضائع أو المسافرين من السفن وإليها بصفة منتظمة، ومنهم من يشير إليه باعتباره مكانًا على الشاطئ مزودًا بالتجهيزات لنقل البضائع من السفن واليها، مع الأخذ في الاعتبار أن الميناء الحديث يشتمل على أحواض السفن (Docks) التي بها عدد من الأرصفة (Wharves) لكل منها عمق كاف من الميناء ويحيط بها مجموعة من مخازن الشحن والتفريغ (Sheds) ومخازن للبضائع العامة (Warehouses) ومزودة بالروافع والأوناش وغيرها. ويخلص الدكتور الرويثي إلى القول: إن لفظ مرفأ يطلق على الجزء الهادي من الماء الذي يعد لحماية السفن، بشرط أن يكون ذا عمق كاف يسمح باستقبالها ورسوها. أما لفظ الميناء (Port) فيشمل المرفأ بالإضافة إلى جميع المنشآت التي تستخدم في عمليات الشحن والتفريغ والتخزين، وخطوط السكة الحديدية، والروافع، وزوارق الإرشاد والجمارك وغيرها. ويبيّن الرويثي أنه: «ليس كل مرفأ طبيعي يكون ميناء». ويبيّن أنه إذا ما أريد تطوير المرفأ إلى ميناء فيجب أن يكون له ظهير اقتصادي أو منطقة منتجة تقع خلفه. ويلاحظ الدكتور الرويثي من دراسته للخريطة الجغرافية للموانئ السعودية على البحر الأحمر أن المرافئ على خط الساحل الغربي للمملكة العربية السعودية هي من النوع الذي يُسمى بالمرافئ المرجانية أو الإنكساريه، التي تكوّنت في خلجان أو شروم يكتنفها النشاط والنمو المرجاني، ويقع معظمها في أحضان حواجز الحافات المرجانية (Fringing Reefs)، أو حواجز خط الساحل (Costal Reefs) وهذه الشروم أو الخلجان ترتبط إرتباطًا وثيقًا بالانكسارات العرضية، حيث يكون الإنكسار العرضي من وإلى البحر ليتضمن الفتحة، أما الإنكسار الطولي فيكون موازيًا لخط الساحل ويتضمن المرفأ. وعلى الرغم من انه تكتنفها أنماط متعددة من الحواجز المرجانية، إلا أن انسياب المياه العذبة من خلال مجاري الأودية التي تصب في هذه الشروم قد أعاق نمو المرجان في المرافئ التي تقوم في هذه الشروم والتي من أهمها: ضباء والوجه وأملج ورابغ، وتميزت بصلاحيتها لتكون موانئ. إلا أنها لم تتطور لوقوعها في مناطق بعيدة عن مناطق التركز السكاني. أو على مقربة من موانئ جُدّة وينبع وجيزان التي أثرت أهمية هذه المرافئ وربطتها بطرق برية معبّرة. ولكن هناك من المرافئ الطبيعية ما كان موقعه قرب مناطق قابلة للنمو والتطور، وهذا ما كانت عليه موانئ جُدَّة وينبع وجيزان قبل تطويرها إلى موانئ في أوائل الخمسينات، الأمر الذي دفع الإنسان للتدخل فأختار منطقة المرفأ في كل منها وأنشأ فيها الميناء الحديث على مقربة من الظهير المباشر (المدينة). ويبيّن الدكتور الرويثي أن هذه الموانئ كانت قديمًا صالحة لاستقبال السفن الشراعية فقط، وذلك بسبب كثرة الشعاب المرجانية، وبُعد خطوط المياه العميقة عنها، وكانت السلع تُنقل منها بواسطة قوافل الإبل إلى القرى والمدن المجاورة. وحينما بدأ استعمال السفن البخارية في النقل لم تتمكن هذه الموانئ التي كانت تشرف على مياه قليلة العمق من استقبالها، بل اضطرت هذه السفن إلى الوقوف في عرض البحر لإنزال السلع التجارية الخاصة بالمنطقة في سفن شراعية صغيرة، لتنقلها إلى هذه الموانئ، وكان التجار يدفعون أجورًا لنقلها مرتين الأمر الذي أدى إلى ارتفاع أسعارها على المستهلكين بسبب تلك النفقات الإضافية. وظلت هذه الموانئ تخدم النشاط التجاري فترة طويلة من الزمن سواء لظهيرها المباشر أم المجاور. وكانت جُدَّة وينبع ومازالتا تستقبلان حجاج بيت الله الحرام، إلى جانب ممارستهما للوظيفة التجارية. تصنيف الموانئ حسب المعايير المختلفة: بعد تعريف الموانئ والمرافئ يقدم لنا الدكتور الرويثي تصنيفًا للموانئ حسب المعايير المختلفة، حيث قسّمها إلى أنماط متباينة اعتمادًا على الأسس والمعايير المتبعة في دراسات جغرافيتي الموانئ والمدن، مثل تقسيم الموانئ حسب موقعها ومواضعها أو تصنيفها تبعًا للحجم السكاني، أو التسهيلات التي تُقدم في الميناء أو للموقع والتباعد أو نشاط الميناء. عند تصنيف الموانئ حسب الحجم السكاني نجد أن جُدَّة هي أكبر المراكز الحضرية بالنسبة للموانئ السعودية على البحر الأحمر. وإذا نظرنا إلى الموانئ ذات القواعد الدينية نجد ميناء جُدَّة في المقدمة، حيث أن وظيفتها الأساسية في استقبال القادمين إلى مكةالمكرمةوالمدينةالمنورة لأداء فريضة الحج وزيارة المسجد النبوي الشريف. وقد بدأت هذه الوظيفة منذ العام السادس والعشرين الهجري عندما أمر الخليفة الراشد سيدنا عثمان بن عفان باتخاذ جُدَّة ميناء لمكةالمكرمة بدلًا من الشعيبة. ولا شك أنه يمكن القول: أن هذه الوظيفة كانت أحد أهم الأسباب الرئيسية وراء تطوير ميناء مدينة جُدَّة خلال العصور المختلفة من قبل السلطات التي تعاقبت على حكم المنطقة. ولقد تطور ميناء جُدَّة تطورًا كبيرًا خلال العهد السعودي وتم توسيع الميناء وتعميق مياهه وربطه بطرق عالمية توصل الميناء بمكةالمكرمة وجُدَّة وغيرها من المدن السعودية، بالإضافة لتخصيص أرصفة لنزول الحجاج، وإقامة مدن للحجاج على مقربة من الميناء مزودة بكل الاحتياجات اللازمة للإقامة المريحة، إلا أن من الملاحظ أن هناك تناقصًا في أعداد الحجاج القادمين عن طريق البحر وذلك بسبب تطور وسائل النقل البري والجوي وخاصة التطور الهائل في مجال الطيران وبناء المطارات السعودية التي تتسع لاستقبال ملايين المسافرين سنويًا وهي مهيأة لاستقبال جميع أنواع الطائرات بدون استثناء تقريبًا. (1) ميناء جُدَّة الموقع والموضع: أحد أهم أسس ومعايير تصنيف الموانئ هو الموقع وكذلك كون الميناء يعمل كمنفذ اقتصادي رئيس يتم عن طريقه توفير معظم الاحتياجات اللازمة لحياة البشرية، الأمر الذي يجعله بمثابة الرأس إلى الجسد. ويرى الدكتور محمد الرويثي أنه إذا أردنا تطبيق هذا المفهوم على موانئ الساحل الغربي للمملكة العربية السعودية فليس ثمة ميناء رئيسية غير ميناء جُدَّة فهي على قول الرويثي: تعتبر أكبر الموانئ في المنطقة خاصة، والسعودية عامة، أضف إلى ذلك كونها من أكبر المراكز العمرانية حجمًا من حيث السكان باستثناء الرياض وأكثرها أهمية في نواحي متعددة ، فهي تحتل موقعًا وسطًا على الساحل، إذ تعد خاصرة الجزيرة العربية وبوابتها، وتقع عند ملتقى الطرق البرية والبحرية، على الرغم من أنه يشترك معها في هذه الصفة ميناءا ينبع وجيزان، وأنها تمثل أعلى طبقة وظيفية من حيث نوع ومستوى وحجم الوظائف والخدمات المدنية بالنسبة لبقية الموانئ ومراكزها العمرانية الأخرى في المنطقة. وهنا تظهر أهمية هذا الميناء الذي شرّفه الله تعالى بأن جعله ميناءً وفرضه للبلد الحرام مكةالمكرمة يستقبل ضيوف بيت الله الحرام منذ صدر الإسلام. وسنعرج على خصائص الموقع والموضع للميناء والمظاهر الجغرافية له، ونلقي بعض الضوء على مراحل تطوره من خلال العصور المختلفة. موقع ميناء جُدَّة: يقول الدكتور الرويثي أن للموانئ تاريخا هو على وجه التحديد تاريخ موقعها، والذي يُنظر إليه باعتباره تاريخ الحضارة نفسها. ويتأثر هذا الموقع بمجموعتين من العوامل إحداهما جغرافية، والأخرى اقتصادية، وترتبط المجموعة الجغرافية بالمنطقة المائية المقابلة والتي يطلق عليها «النظير» (Foreland) بينما ترتبط المجموعة الاقتصادية بالجزء العمراني من الأرض، والذي يسمى «الظهير» (Hinterland) وفيما بين النظير والظهير يتحدد الموقع. ويقع ميناء جُدَّة في منطقة تتوسط البحر الحمر على ساحله الشرقي عند خط عرض 29 َ 21 ْ شمالًا وخط طول 11 َ 39 ْ شرقًا وهذا ما يعرف بالموقع الفلكي. أما الموقع الأهم فهو موقع ميناء جُدَّة النسبي وهو ما يُقصد به موقع الميناء والمدينة بالنسبة للجهات المجاورة مائية كانت أم يابسة، ومأهولة كانت أم غير مأهولة. وكذلك بإمكانية الوصول إلى هذا الميناء. ويبيّن الدكتور الرويثي في كتابه أنه من دراسة الخريطة الطبوغرافية للمنطقة وجد أن الموقع الجغرافي لميناء جُدَّة قد تحدد في منطقة «تلتقي عندها طرق المواصلات البرية والبحرية، وهو بهذه الكيفية يمثل حلقة الوصل بين اليابس والماء. فيبعد عن المدينةالمنورة 425كم، ومكةالمكرمة 75كم، والعقبة 950كم، وجازان 820كم (مارًا بالليث والقنفده)، والدمام 1500كم. كما تبلغ المسافة البحرية بين جدة والسويس 1138كم، وجدة وبور سودان 304كم «. (2) وبما أن الوظيفة التجارية تحدد للمدن مواقع معينة تحقق ما يُعرف «بإنقطاع الطريق» فإن ميناء جُدَّة يقع على نقطة بين رأس الحجاز والرأس الأسود من ساحل البحر الأحمر، في موقع ينتهي فيه الطريق البحري الطويل، وتبدأ منه الطرق البرية إلى الأجزاء الداخلية. أي أنه يقع ضمن منطقة هي بوابة الجزيرة العربية، والمدخل الطبيعي إلى وسطها، مما يجعل من مدينة جُدَّة بوابة للمملكة العربية السعودية وترتبط عضويًا بمكةالمكرمة. حيث أن جُدَّة هي أقرب اتصال مائي بمكةالمكرمة، كما أن موقع جُدَّة في منطقة من البحر الأحمر تعد حلقة اتصال للشحن والتفريغ للسفن الآتية من الجنوب والشمال، وتمر بها الطرق البحرية التجارية الأوربية والأمريكية والأفريقية والأسيوية.. وغيرها. (3) وبالرغم من أن ميناء جُدَّة كان مستخدمًا منذ أن استوطن بعض الحوّاتين العرب ومنهم عرب قضاعة فيها قبل الإسلام وبدئوا بالإبحار منها إلى الحبشة واليمن ومصر وغيرها إلى أن عاد دورها كميناء لمكةالمكرمة منذ العام السادس والعشرين الهجري في خلافة سيدنا عثمان بن عفان -رضي الله عنه-، (عندما أصبحت جُدَّة ميناء مكةالمكرمة الوحيد بأمر الخليفة عثمان، بسبب كون جُدَّة أقرب لمكةالمكرمة من الشعيبه)، استمر دور جُدَّة ينمو ويتطور كميناء لمكةالمكرمة يخدمها من الناحيتين الدينية والتجارية. ويمكننا القول بأن سبب استمرارية بقاء الموقع الحالي لميناء جُدَّة كل هذا الزمن وإلى اليوم يعود للأسباب التالية: 1- طبوغرافية ساحل جُدَّة حيث أنه أقرب مكان للمياه العميقة الصالحة للملاحة والتي يمكن بواسطتها الاتصال بمدينة جُدَّة التي تقع على مسافة أقل من 2 كم. 2- موقع الميناء في وسط الساحل الشرقي للبحر الأحمر، وقربه من مكةالمكرمة مما جعله فرضه وميناء البلد الحرام. 3- يتوسط هذا الموقع أكبر تجمع سكاني في منطقة البحر الأحمر، وفي المملكة العربية السعودية كلها (منطقة مكةالمكرمة) فهو موقع ممتاز كان له أكبر الأثر في تطور هذا الميناء ونموه. ويخلص الدكتور الرويثي إلى القول بأنه نتج عن هذا الموقع الذي يحتله ميناء ومدينة جُدَّة أبعاد اقتصادية وسياسية مختلفة. فجُدَّة بحكم موقعها الجغرافي: تعتبر حلقة الوصل بين مناطق الإنتاج ومراكز الاستهلاك المحلية والعالمية، كما تعد المنفذ الرسمي من العالم الخارجي وإليه، بالإضافة إلى أن ارتباطها بالأسواق الخارجية قد أدى إلى تزايد حركة التداول في مجال التصدير والاستيراد. (4) شرّف الله سبحانه وتعالى مدينة جُدَّة بأن جعلها ميناء لبلده الحرام ومعبر حجاج بيت الله الحرام إليها. وعندما يأتي ذكر مدينة جُدة في المصادر التاريخية وكتب الرحالة نجد أن هذه المصادر تربطها دومًا بمكةالمكرمة. كما تصفها كثير من هذه المصادر بأنها ميناء البلد الحارم وفرضته. وسنعطي أمثلة على ما جاء في بعض المصادر القديمة أولًا ثم ما جاء في المصادر الحديثة عن هذا الميناء وكذلك ما قاله بعض الرحالة عن ميناء جُدة وذلك في مقال آخر إن شاء الله. موقع جُدة وارتباطها بمكةالمكرمة في المصادر التاريخية: * أولا المصادر المتقدمة: يقول الحربي المتوفى سنة 285ه معرفًا جُدة: حدثني محمد بن عبدالمجيد العثماني قال: إذا أردت جُدة، تخرج من مكة فتهبط في ذي طوى (أصبح الآن داخل بيوت مكة -المؤلف) ثم تأخذ يسره في بساتين وسقايات معمورة حتى ترد المرحلة، واسمها قُرين الثعالب وهي قرية بها آبار، ثم تخرج منها إلى (حده) عشرين ميلًا، ليس بينك وبينها غير السقايات، ثم ترد جُدة، وبها منبر، وماؤها من الصهاريج، وآبار شروب. (5) وعندما يحدد الهمذاني المعروف بابن الفقيه والمتوفى بعد سنة (290ه) حدود الحرم يقول: وحدود الحرم من طريق المدينة على ثلاثة أميال، ومن طريق جُدة على عشرة أميال... الخ ما قال في ذلك. (6) أما البكري المتوفى سنة (487ه) فيصف جُدة بأنها ساحل مكة قائلًا: (جُدة) بضم أولها: ساحل مكة، معروفة سميت بذلك لأنها حاضرة البحر، والجدة من البحر والنهر ما ولي البر، وأصل الجدة: الطريق الممتدة. (7) ويقول الشريف الأدريسي المتوفى سنة (560ه) في كتابه (نزهة المشتاق) في حديثه عن الجزء الخامس من الأقليم الثاني الذي تضمن البلاد التي تقع على ساحل بحر القلزم (البحر الأحمر): ومنها (مرسى السقيه) إلى جُدة على الساحل ثلاث مراحل وهي (جُدة) فرضة لأهل مكة وبينهما أربعون ميلًا. والبقول بها ممكنة، وبهذه المدينة فيما ذكر أنزلت حوا من الجنة وبها قبرها. (8) ويقول الأسكندري المتوفي سنة (561ه) تقريبًا في كتابه عن موقع جدة: جُدة: بضم الجيم البلد قرب مكة بينهما مسافة يوم وليلة على ساحل البحر. (9) ويعرّف الزمخشري المتوفي سنة (583ه) جُدة فيقول: جُدة: موضع وبينها وبين مكة ثلاث ليال. (10) أما الحازمي المتوفي سنة (584ه) فإنه يقول في (باب جُدة وحده) في كتابه (الأماكن): أما الأول (جُدة): -بضم الجيم وتشديد الدال المهملة- على ساحل البحر بينها وبين مكة مسافة يوم وليلة. بنسب إليه عبدالملك بن إبراهيم الجدي ونفر سواه. (11) أما ياقوت الحموي المتوفي سنة (646ه) فإنه يقول في معجم البلدان عن جُدة: جُدة: بالضم والتشديد والجُدة في الأصل الطريقة والجدة الخطة التي في ظهر الحمار تخالف سائر لونه وجُدة: بلد على ساحل بحر اليمن وهي فرضة مكة وبينها وبين مكة ثلاث ليال عن الزمخشري. وقال الحازمي بينهما يوم وليلة. (12) وفي (الروض المعطار) قال الحميري المتوفي سنة (900ه) عن جُدة: جده: بلد على ساحل مكة شرّفها الله تعالى بينهما أربعون ميلا، وأهلها مياسير وذوا أموال واسعة. (13) هذه أمثلة قليلة مما جاء في بعض المصادر التاريخية المتقدمة عن علاقة موضع جُدة وموقعها بالنسبة لمكةالمكرمة وارتباطها الأزلي بالبلد الحرام وكونها هي ميناء مكةالمكرمة منذ قبل الإسلام قبل أن تصبح ميناء مساعدًا للشعيبة التي كانت لفترة ميناء مكةالمكرمة الأساسي حتى عام 26هجرية عندما أمر الخليفة الراشد سيدنا عثمان بن عفان -رضي الله عنه- بأن تعود جُدة ميناء وحيدًا لمكةالمكرمة منذ ذلك الوقت وحتى يرث الله الأرض ومن عليها. وسنذكر في مقال آخر إن شاء الله بعض المصادر الحديثة التي تحدد موقع جُدة وعلاقتها بمكةالمكرمة، كما سنتحدث عن تاريخ ميناء مدينة جُدة ووصفه كما جاء في كتب بعض الرحالة الذين زاروها في القرون الماضية. المصادر والمراجع: 1- الرويثي، محمد أحمد: الموانيء السعودية على البحر الأحمر، الطبعة الثانية، مطبعة المدني، القاهرة، (1404ه - 1984م)، ص(181-210). 2- المصدر السابق، ص (211-214). 3- المصدر السابق ص (214). 4- المصدر السابق، ص(216). 5- الحربي، إبراهيم بن إسحاق بن إبراهيم: كتاب «المناسك» وأماكن طرق الحج ومعالم الجزيرة، تحقيق حمد الجاسر، دار اليمامة، الرياض (1420ه)، ص/405. 6- الهمزاني، أبي عبدالله أحمد بن محمد بن إسحاق: كتاب البلدان، تحقيق يوسف الهادي، عالم الكتاب، بيروت، (1416ه - 1996م)، ص/78. 7- البكري الأندلسي، عبدالله بن عبدالعزيز: معجم ما استعجم من أسماء البلاد والمواضع، تحقيق مصطفى السقا، الجزء الثاني، الطبعة الثالثة، مكتبة الخانجي، القاهرة، (1417ه - 1996م)، ص/371. 8- الإدريسي، الشريف محمد بن محمد بن عبدالله بن إدريس الحمودي الحسني: كتاب نزهة المشتاق في أختراق الأفاق، المجلد الأول، عالم الكتب، بيروت، (1409ه-1989م)، ص/138-139. 9- الأسكندري، نصر بن عبدالرحمن: كتاب الأمكنة والمياة والجبال والأثار ونحوها المذكوره في الأخبار والأشعار، الجزء الأول، تحقيق حمد الجاسر، دارة الملك عبدالعزيز، الرياض، (1425ه-2004م)، ص/277. 10- الزمخشري، أبوالقاسم محمود بن عمر: كتاب الأمكنة والجبال والمياه، تحقيق الدكتور إبراهيم السامرائي، دار عمار للنشر والتوزيع، عمان، (1419ه-1999م)، ص/66. 11- الحازمي، محمد بن موسى: الأماكن ما اتفق لفظه وافترق مسماه من الأمكنة، الجزء الأول، تحقيق حمد الجاسر، دار اليمامة، الرياض، (1415ه)، ص/197. 12- الحموي، ياقوت بن عبدالله: معجم البلدان، الجزء الثالث، المجلد الثاني، تحقيق محمد عبدالرحمن المرعشلي، دار احياء التراث العربي، بيروت، (1416ه-1996م)، ص/39. 13- الحميري محمد بن عبدالمنعم: الروض المعطار في خبر الأقطار، الطبعة الثانية، تحقيق الدكتور إحسان عباس، مكتبة لبنان، بيروت، (1984م)، ص/157.