تزايدت في الآونة الأخيرة ظاهرة ما يعرف بالجرائم التكنولوجية أو المعلوماتية وما يصاحبها من عنف، ويشكل الشباب السواد الأعظم من مرتكبي هذه النوعية من الجرائم، مما ينبئ بكوارث على مستقبل المجتمع إذا لم يسارع باتخاذ التدابير الاحترازية الفنية والأمنية والتشريعية بتعاون دولي وإقليمي في مواجهة تلك الجرائم. هذا ما يحذر منه اللواء محمود الرشيدى الخبير الأمني المصر في كتابه العنف في جرائم الإنترنت الذى يتكون من 222 صفحة.. جرائم الانترنت والتي تتضمن ممارسة نوع من العنف والإكراه على المجني عليه يختلف عن العنف والإكراه التقليدي المتعارف عليه، والذي يحدث دون مواجهة مباشرة بين الجاني والمجني عليه، مما يعرض مستخدمي هذه التقنية لمخاطر متنوعة: (نفسية ، صحية ، اجتماعية ) وبما يعد تهديدًا خطيرًا لأجيالنا المستقبلية من الأطفال والشباب من جراء الاستخدامات غير الآمنة لشبكة الإنترنت دون ضوابط. ويتنبأ الكاتب بتفاقم المخاطر والمشكلات للجرائم الإلكترونية خلال السنوات القليلة القادمة في ضوء النمو المطرد في الاعتماد على نظم المعلومات الآلية في سائر مناحي الحياة، وخاصة مع اتجاه مرتكبي هذه الجرائم لاستحداث أنماط وأساليب تكنولوجية متطورة بشكل دائم للحيلولة دون رصدهم ومتابعتهم أمنيًا وتقديمهم للمحاكمة. ويعتبر الكتاب أن أبرز جريمة حدثت مؤخرًا في عام 2010 هى المعروفة «بعاصفة ويكيليكس»، حيث قام موقع ويكيليكس الإلكتروني على شبكة الانترنت بنشر ما يقرب من ربع مليون وثيقة متبادلة بين الإدارة الأمريكية وبعثاتها الدبلوماسية بالخارج تتضمن معلومات على درجة من السرية ذات الصلة بأمور: (عسكرية وسياسية، واقتصادية، اجتماعية، وشخصية) للعديد من دول العالم، وقد أحدثت هذه التسريبات عاصفة جامحة في الشأن المعلوماتي نظرا لتداعياتها السلبية على العلاقات الدولية والشخصية بين عدد من دول وقادة العالم. ويتعرض الكاتب عبر صفحات الكتاب لتفاصيل ماهية الإنترنت وخصائصه وكذلك مفهوم العنف الالكترونى وخصائصه وانواعه وانماط مرتكبى جرائم العنف الإلكتروني، مشيرًا إلى مخاطر الاستخدام غير الآمن للإنترنت وخاصة على الدول النامية وانعكاس آثارها المدمرة خلقيًا واقتصاديًا واجتماعيًا على هذه الدول كما هو الحال في استخدام هذه الشبكة في كافة أنواع التجارة الإباحية وإدارة شبكات الدعارة والاتجار بالبشر، وتسهيل عمليات النصب والابتزاز والاحتيال والسرقة وغسل الأموال والاتجار بالمخدرات وكذا استخدام الشبكة من قبل العديد من التنظيمات والجماعات الإرهابية المسلحة، ومؤخرًا تصاعد وتيرة استخدام شبكة الإنترنت في الأنشطة والأغراض السياسية. ويؤكد الكاتب على ضرورة تكاتف جميع الجهود (عالميًا، إقليميًا، محليًا) بكافة أنواعها للتصدي لظاهرة الاستخدام غير الأمن لشبكة الانترنت لخطورتها على الدول والأفراد على السواء، ويرصد الكتاب أهم الجهود المطبقة في جمهورية مصر العربية للحد من الاستخدام غير الآمن لشبكة الانترنت، ومن أهمها جهود وزارة الداخلية المصرية. ويعرض الكتاب في الخاتمة النتائج التي توصل إليها بعد الرصد لكافة أنواع الممارسات غير المشروعة للتقنيات الحديثة وخاصة شبكة الانترنت منها: *عدم إدراك غالبية أفراد المجتمع للمخاطر المستقبلية المتوقعة من الاستخدام السلبي وغير الآمن لشبكة الانترنت على الشباب والأطفال * افتقار العديد من مستخدمي الانترنت لتفعيل ضوابط التأمين والحماية مما يجعلهم ضحايا مستهدفين من القراصنة الإلكترونيين * الجهل من بعض مستخدمي الإنترنت بأن بعض الأفعال التي يقومون بها توقعهم تحت طائلة القانون * ضعف الرقابة الأسرية على الأبناء * إحجام العديد من ضحايا جرائم الإنترنت عن اتخاذ الإجراءات القانونية الرادعة *عدم كفاية وكفاءة التشريعات الحالية لمواجهة الجرائم التكنولوجية