وحلّت إجازة منتصف العام التي يطلق عليها العامة إجازة الربيع لأنها كانت زمنيًا تقع أول ما بدأت في تقويم التعليم العام والجامعي قبل عشرة أعوام، حلّت إجازة الأسبوع وكادت أن تلملم أوراقها وترتحل وقد حلت هذا العام في جو شتوي بارد على غير المتوقع. ورغم ذلك كانت فرصةً مواتية لأبنائنا الطلاب لأخذ استراحة كاستراحة المحارب بعد ركضهم الجميل في دروب العلم وساحات المعرفة. ولم تكن الإجازة فرصة لراحة بناتنا وأبنائنا الطلاب فقط، بل فرصة سانحة للعائلات آباء وأمهات لجمع الشمل ولم الشتات، وتلاقي الأهل والأحبة في أجواء شتويّة جميلة في البر الرائع، أو في مناسبات عائلية وأجواء حميمية محببة للنفوس وقريبة من القلوب. إن نظام التعليم في الغرب الذي عرفناه في سنوات الدراسات العليا والبحث العلمي، تعوّدنا أن تكون في عامه الدراسي عدة إجازات لكنها قصيرة بين يوم هنا بمناسبة اجتماعية كعيد العمال ويومان هناك بمناسبة وطنية مثل العيد الوطني ومناسبة ثالثة قومية يحتفل بها في يوم واحد يليها عطلة نهاية الأسبوع. تلك نماذج من عطل قصيرة وسريعة في بعض نظم التعليم الغربي يراد منها الاحتفال بمناسبات اجتماعية أو وطنية أو قومية ولكنها تترك أثرًا طيّبًا في نفوس الطلاب للاستراحة القصيرة ومن ثم الانطلاق لمواصلة التحصيل العلمي بنشاط متجدد ونفس توّاقة لمزيدٍ من التحصيل المعرفي. تلك حاجة للنفس في الراحة والاستجمام وصدق الصادق المصدوق وهو يقول إن لنفسك عليك حقًا، لا بد أن نعطي أنفسنا وقتًا للراحة واستعادة النشاط، وتكون أيضًا فرصة لمراجعة حسابات النفس وتصحيح المسار وتعديل خارطة الطريق لحياتنا اليومية. إن العلم الحديث والدراسات النفسية والاجتماعية كل ذلك يؤكد أهمية العطلة في حياة الإنسان للأسباب التي ذكرناها آنفًا لا فرق في ذلك بين الصغير والكبير، المرأة والرجل، كلٌ في حاجة للإجازة والاستجمام بعقل ومنطق وبدون تجاوز لحدود الآخرين أو الاضرار براحتهم أو تجاوز الأعراف والآداب المرعية. هذه دعوة موجزة لضبط إيقاع إجازاتنا الأسبوعية والفصلية والموسمية والسنوية لتكون أكثر فاعلية ونعود بعدها أكثر نشاطًا وأبلغ حيويةً وأنفع ركضًا وأجدى نفعًا في دروب الحياة الجميلة. وكل إجازة وأنتم بخير ونشاط.