الأزمة السورية بلا شك أزمة معقدة، وهي تزداد تعقيدًا يومًا بعد يوم لعدة أسباب داخلية وخارجية، أولها عناد النظام وإصراره على مواصلة العنف وحمامات الدم لإنهاء ثورة الشعب المندلعة منذ أكثر من عشرة أشهر، وإصرار الشعب السوري من الجانب الآخر على مواصلة الاحتجاجات حتى إسقاط النظام، وآخرها موقف الحيرة والتردد الذي تبديه الجامعة العربية في مواجهتها للأزمة بسبب حساسيتها. ثم هناك أيضًا تلويح كل من موسكو وبكين باستخدام حق الفيتو ضد أي قرار يصدر عن مجلس الأمن لإدانة النظام، وذلك إضافة إلى ارتباط تلك الأزمة بالأزمة الإيرانية، لا سيما بعد المناورات البحرية الإيرانية الأخيرة، وافتتاح إيران منشأة ثانية لإنتاج يورانيوم عالي التخصيب، وتهديدها بإغلاق مضيق هرمز ثم تحذيرها أمس الأول للدول الخليجية والعربية من تعويض إمدادات النفط الإيراني في السوق إذا حظر الاتحاد الأوروبي استيراد النفط الإيراني، وهكذا يبدو من الواضح أن مستوى التحالف الإيراني – السوري من شأنه تهديد الأمن والاستقرار والسلم في المنطقة. يمكن التيقن من حقيقة هذا التحالف ودوافعه وأهدافه من خلال ما أكده مؤخرًا مصدر في الحرس الثوري، بأن الاتصالات مستمرة بين طهران ودمشق لتقييم الأوضاع هناك. والقول إن: «إخواننا في سوريا يؤكدون أن الأمور جيدة وهم يتوقعون الحسم في غضون شهرين»، وأن إيران ملتزمة باتفاقيتها الدفاعية مع سوريا وأنها لن تتركها لوحدها في حال تعرضها لاعتداء خارجي. في خضم تفاعل هاتين الأزمتين، وزيادة احتمالات اندلاع حرب جديدة في المنطقة، وأيضًا زيادة احتمالات اندلاع حرب أهلية في سوريا قد تعرض وحدة البلاد للخطر، فإنه يصبح من الواضح أن كلتا الأزمتين السورية والإيرانية تحتاجان إلى حسم من نوع آخر، حسم يجسد إصرار الشعبين السوري والإيراني على الحفاظ على وحدة وسلامة أراضيهم، وعودة الأمن والاستقرار والسلم لبلديهما، فكل الحلول الخارجية ليست سوى عوامل مساعدة أما القرار الحاسم الذي يأتي معه الحل الأمثل فهو ذلك الذي يعبر عن إرادة الشعبين لإنهاء مسلسل العنف والرعب الذي طال كثيرًا عن سياقه الزمني خروجًا عن الواقع والمعقول.