يقدم السيد عمرو موسى نفسه للشعب المصري -كمرشح محتمل للرئاسة في مصر- على أنقاض الحكم السابق، منتقدًا، ومشوهًا السياسة السابقة التي جثمت على صدور المصريين قرابة الثلاثين عامًا، فمن خلال جولاته على بعض المناطق المصرية، على طريقة الانتخابات الأمريكية لحشد الأصوات خلال حملته المقبلة، أبدى وعودًا مشجعة بتحقيق مستقبل واستقرار اقتصادي وأمنى يُحقِّق تطلعات الشعب الذي صنع الثورة ومكنته من إبداء رأيه بكل جرأة، منتقدًا النظام السابق الذي كتم الأنفاس أمام التعبير بكل حرية، وأغلق جميع المنافذ المؤدية للاختيار الحر، وقد جرت العادة على أن يطرح المتسابقون -على كرسي الرئاسة- أمام الجماهير المستهدفة خططهم وتطلعاتهم في المرحلة المقبلة، وأن يظل التنافس، أو إطلاق التصاريح النارية باتجاه المتنافسين بعضهم البعض، وليس بانتقاد الحكومات السابقة، كما هو حاصل في أوروبا وأمريكا، إلاّ أنّ السيد عمرو موسى ذهب بعيدًا عن ذلك الاتجاه، واكتفى خلال جولاته فقط بالهجوم على النظام السابق، معددًا سلبياته، وكنت أتمنى لو أنه قد نأى بنفسه عن توجيه اللوم إلى نظام عمل معه عشرة أعوام كوزير للخارجية، أدلى خلالها بتصريحات إيجابية تخدم النظام السابق وتبارك مسيرته، فموسى الذي خاطب الجماهير في (الأقصر) قائلًا: «يجب الحفاظ على كرامة المصري التي أُهدرت في النظام السابق ومن أجلها قامت ثورة 25 يناير»، هو نفسه الذي ظهر على شاشة التلفزيون المصري إبان عهد (مبارك) قائلًا: «سأرشح مبارك في حال ترشحه للرئاسة أيًا كان منافسه، لأني أعرف طريقة إدارته للأمور، وأن الرئيس مبارك حقق منذ منطلق سنوات حكمه استقرارًا مهمًا ومطلوبًا، وأعاد مصر إلى إطارها العربي وحرّك الاقتصاد وأطلق حرية النقد، وهذه كلها خطوات مهمة يجب وضعها في مكانها التاريخي الصحيح»!، وعمرو موسى الذي طالب -في المؤتمر الذي أقامته ساقية الصاوي- بهدم (الجدار الفولاذي) الذي بنته مصر على حدودها مع غزة وإزاحته تمامًا من الوجود والذي رأى فيه بأنه يُمثل جدار الفصل العنصري الذي يفصل بين الفلسطينيين والمستوطنين اليهود، هو (عمرو موسى) الذي بارك في عهد (مبارك) إقامة هذا الجدار وقال بالنص: «بأن سيادة أي دولة موضوع مُسلَّم به، واستنكر الذين يتابعون الجدار في حين يغضون الطرف عن قيام مصر بفتح معبر رفح»! ولم يظهر حتى تاريخه مؤيد للسيد «عمرو» بحجم (شعبان عبدالرحيم) الذي أعلن عن تأييده في (كاسيت) يقول فيه: «أنا بحب عمرو موسى وبكره إسرائيل»، لكن ظهر في المقابل مواطنه الأديب الكبير (جمال الغيطاني) الذي صرّح قائلًا: «بأن أغلب المرشحين لهم مواقف واضحة ضد النظام السابق، وموسى موقفه هو شعبان عبدالرحيم، وإنه إذا جاء (موسى) رئيسًا للجمهورية سنترحم على أيام (مبارك) لافتًا إلى أن (موسى) يفعل الآن ما لم يكن يفعله أيام النظام عن معارضته لمبارك». الإشارة إلى هذه التناقضات في مواقف السيد عمرو موسى، لا تعني التقليل من شأنه، بقدر ما كانت خوفًا عليه من الدخول في تصريحات قد تنعكس آثارها عليه بصفته وزيرًا سابقًا في حكومة الرئيس المتنحي مبارك، وللأمانة فهو قد يكون -في رأيي المتواضع- أفضل المرشحين الذين يحق لهم تولي قيادة مصر في ظل هذه الظروف الاستثنائية التي تتطلب قيادة واعية وحكيمة، وذات سجل حافل بالخبرة، لاسيما أنه يمتاز عن غيره من المرشحين، بقربه من رموز القيادات العربية التي التقاها من خلال عمله السابق كأمين عام للجامعة العربية. أملنا أن يُوفق الشعب المصري الشقيق في الاختيار الذي يحقق لمصر الاستقرار والعزة.