نقلاً عن الحياة (31 ديسمبر) يؤكد رئيس الهيئة الطبية الشرعية بمحافظة جدة الأستاذ عبد الرحمن العجيري أن نسبة الأخطاء الطبية التي تنظرها الهيئات الطبية الشرعية لا تزيد عن 5% من مجمل الأخطاء التي ترتكبها المستشفيات في حق الأرواح البريئة سواءً لذكور أو إناث أو أطفال. ومن أهم الأسباب وراء تدني هذه النسبة عدم علم المواطن أو المقيم بالخطأ الحادث، أو جهل ذويه في حالة الوفاة. ومن جانبها كما هو متوقع، فإن المستشفيات تخفي الحقيقة، بل تمانع في إطلاع المتضرر أو ذويه على تفاصيل الذي حدث. بيد أن السبب الأهم هو التستر دوماً وراء ربط الخطأ بالقضاء والقدر. وهي كلمة حق أريد بها باطل، فحتى المقتول عمدا إنما أذن الله بانتهاء أجله، ومع ذلك فلا يُعفى القاتل من الجرم الشنيع. وإضافة إلى ذلك يبرز التشنيع على من يسعى لعوض عن الخطأ، وكأن طلب العوض جريمة أو منقصة في حين يُعد التهاون في علاج المريض بجودة وإتقان ومهارة من باب الزلات المغفورة والممارسات الطبيعية. ويؤكد ذلك إفادة العجيري بأن جميع الأطباء الذين تُعرض قضاياهم على الهيئات الطبية الشرعية، إما أنهم يمارسون مهنة الطب دون ترخيص لمزاولة المهنة، أو أنهم يزاولون تخصصاً غير تخصصهم الفعلي، أي كالذي يفتي دون علم، أو كالسباك يفتي في الكهرباء، وعالم التاريخ يقرر في شأن مفاعل نووي. يا إلهي: ألهذا الحد رخصت أرواحنا؟ ألهذا الحد طغى حب المال على أخلاق البعض ممن أدوا قسم المهنة؟ ألهذا الحد وصل جشع بعض أصحاب المؤسسات الصحية! وأما العجب الأكبر، فسكوت هيئة التخصصات الصحية ووزارة الصحة إزاء ما يؤكده الأستاذ عبدالرحمن العجيري من هذا الحجم غير المعقول ولا المقبول من الإهمال واللامبالاة، بل والإصرار على العبث بحياة الناس والاستهتار بها. يبدو أن الخروقات قد اتسعت على وزارة الصحة، فلا تدري أيها تسد، وبأيها تبدأ! توفير العلاج المناسب أم زيادة أسرّة التنويم! أم بناء مزيد من المستشفيات؟ أم تحسين نوعية الخدمة؟ أم مراقبة المحتالين الكبار والمزورين الصغار؟!