مع نهاية عام 2011 أصبح مستخدمو الشبكات الاجتماعية من العرب يزيد على 33 مليون مستخدم، وهذا يمثل تقريبا 10٪ من سكان الوطن العربي ككل. أما من يكتفي بالمشاهدة دون اشتراك أو كتابة بهذه المواقع فهم بالتأكيد أضعاف هذا الرقم؛ حيث إن الإعلام الجديد لا يقتصر فقط على شبكات اجتماعية بل مدونات وبودكاست وصور ومقاطع يوتيوب، ولا يتطلب المشاركة فيه بل المشاهدة، وهذا كفيل بإيصال الرسالة. وهذا ما يفسر لنا الاعداد الهائلة التي تشاهد مقطع يوتيوب واحدًا مُعدًا من شباب أو ما يسمون بشباب الإعلام الجديد تتجاوز احيانا كثيرة مليون مشاهدة في وقت وجيز. الإعلام الجديد الآن اظهر تفوقه الهائل على الإعلام التقليدي لما للأخير من حدود وبيروقراطيات ونظام هرمي تحد من فاعليته وانتشاره ،غير التكاليف ومحدودية التوزيع بطبيعة الحال. بينما الشاب يستطيع من خلال هاتفه المحمول أن يبث مقطعا أو يكتب تدوينة أو يغرد في تويتر فتضرب الافاق وتزيد القراءات والمشاهدات لها عن الاعداد الموزعة من صحيفة ورقية من ذلك اليوم. ليس تقليلا من شأن الإعلام التقليدي ولكن الإعلام الجديد الآن اصبح منافسًا قوي جدا وفي بعض الحالات والقضايا يكون هو المسيطر. ومن الاهتمامات والقضايا الاساسية في الإعلام الجديد هي بعض المسكوت عنها بالإعلام التقليدي اما بسبب حساسيتها أو عدم وجود من يمثلها. ايضا هو يصدر من فئة الشباب الذين تتراوح اعمارهم بين 15 و35 ويستهدفهم ايضا وهم يشكلون نسبة عالية في العالم العربي تقدر بالنصف حسب بعض الاحصائيات. وبجولة واحدة على عدد من المدونات وقنوات اليوتيوب وعدد من حسابات تويتر وفيس بوك يتبين لنا حجم القضايا التي يعاني منها الشباب وحجم التفاعل فيما بينهم. ولم يكتفوا بعرض المشكلات أو النقد فقط بل تعدوا ذلك إلى طرح الحلول والنظر للقضايا من عدة جوانب والاستفادة من مجتمعات اخرى. كان مستخدم الانترنت في السابق حتى سنوات قريبة يهرب من الواقع للعالم الافتراضي ولكن الآن اصبح الواقع كله في العالم الافتراضي أو ما يسمى بالإعلام الجديد. وكان المستخدم في زمن مضى يهرب للإنترنت يعيش بشخصية معزولة يحقق بعض احلامه افتراضيا، والآن نقول من ليس لديه نشاطات في الانترنت سواء مشاركة أو مشاهدة فهو بالحقيقة شخص معزول عن المجتمع. كثير من المسؤولين والكتاب والصحفيين والمذيعين وحتى رؤساء دول وحكام مناطق دخلوا في هذا العالم الافتراضي ليكونوا اقرب للواقع. على المستوى الإعلامي هناك كثير من الصحف الورقية والقنوات التلفزيونية، وعلى مستوى الحكومات هناك عدد من الوزارات والمكاتب لديها حسابات وجمهور ومتابعين في الإعلام الجديد. وهذا ايمانا منهم بفاعليته وقربه لأفراد المجتمعات. فنرى مثلا حساب تويتر وفيسبوك لقناة تلفزيونية تبث منه الاخبار وحساب يوتيوب تبث فيه المقاطع المسجلة. وبعض الصحف الورقية انشأت مواقع الكترونية تفاعلية بالكامل من اجل اللحاق بركب الشباب الذين مضوا بعيدا إلى ايجاد اماكن للحديث عن قضاياهم. بعض القنوات التلفزيونية والصحف الورقية فتحت مجالًا للمراسل الهاوي، وبعض هؤلاء المراسلين ما احدهم الا مستخدم انترنت استغل شبكات التواصل الاجتماعي وادوات الإعلام الجديد ليبث خبره عبر تلك القناة. بعدما كان الإعلام من طرف واحد وكان الناشر هو المرسل والمشاهد أو القارئ مستقبل فقط، اصبح الوضع مختلفًا فالإعلام الآن من الطرفين حتى لو لم يشارك المتلقي بصناعة الخبر يوما ما فهو يقيم الخبر من ناحية قراءته وارساله ومشاركته والتعليق عليه، فبكل الاحوال المتلقي الآن اصبح عنصرًا مهمًا بالنسبة للوسيلة الإعلامية ولا يمكن تغافله. في بعض الصحف الورقية وحتى وقت قريب لديها صفحة اسمها صوت القارئ أو المستهلك، وكانت الصفحة محدودة المساحة واصوات القراء تفوق الحدود، مع تأخر الصوت احيانا عن النشر بسبب الضغط أو فوات أوانه فلا ينفع وقتها حتى صداه. ولكن الآن اصبح صوت القارئ يكتب بعد نشر المقال أو الخبر بدقائق معدودة وينشر في صفحة الخبر على الانترنت واصبحت هذه التعليقات موجهة لبعض المقالات والكتّاب. فيما يخص الإعلام الجديد من ارقام وحقائق، وحسب احصائية اجراها موقع «قو-قلوب» قبل عام، أن ما يحدث خلال 60 ثانية في عالم الانترنت يفوق التصورات، وقد عرضت ارقامًا تبين مدى التوسع الهائل الذي يحدث داخل عالم الانترنت. وفيما عُرض من الارقام أن هناك قرابة 100 ألف تغريدة في تويتر في الدقيقة الواحدة وقرابة 7000 صورة في فليكر وقريب 80 ألف تدوينة في جدران فيسبوك يرد عليها بأكثر من نصف مليون تعليق، وكل هذا بدقيقة واحدة فقط، وايضا اكثر من 60 مدونة جديدة تنشأ و1500 تدوينة واكثر من 600 مقطع يوتيوب، واكثر من 20 ألف تدوينة جديدة في تمبلر. من خلال هذه الارقام يتبين لنا حجم الإعلام الجديد ولولا وجود تفاعل من المستخدم والقارئ والمشاهد لما استمرت هذه الارقام بالزيادة. ومقارنة بالإعلام التقليدي ولو اخذنا على سبيل المثال ومن خلال التدوينات الجديدة في اليوم الواحد فالمدونون يستطيعون ملء صحيفة ورقية يومية لمدة تزيد على 20 عامًا. مما يميز الإعلام الجديد والذي اكسبه تفاعلًا كبيرًا وانتشارًا على نطاق واسع هي السهولة في الطرح والجرأة واللغة السهلة البسيطة. مثلا بعض اصحاب قنوات اليوتيوب يتحدثون بلغة شبابية بعيدة عن التنطع واللغة المتعالية ويتحدثون بالمشكلات والهموم التي تمس كل شاب تقريبا، غير انهم متواجدون بشكل دائم عبر الشبكات الاجتماعية، فلسان حالهم يقول نحن منكم واليكم. في النهاية، ادوات الإعلام الجديد وسيلة راقية ودافعة لتنمية المجتمع وليست ضده، مع ما يشوبها من المخالفات والتي لم يسلم منها الإعلام التقليدي قبل ذلك. وهذه الادوات تتوسع ويتوالد منها وسائل اخرى بشكل متسارع فمصطلح الإعلام الجديد قبل عدة سنوات - في بداياته - يتضمن ادوات اقل من الحالية، وسيحوي ادوات اكثر في المستقبل. مجاراة هذا التوسع والاستفادة منه واستغلال محاسنه هي افضل وسيلة للارتقاء به فهو اصبح جزءًا من ثقافة الشعوب ومنه يقيّم بعضها وبواسطته تغيروا ومن خلاله يتحاورون ويتواصلون. خصوصا فيما يتعلق بالأحزاب الفكرية التي لم تتقابل يوما في بعض اطروحاتها ولكنها فعلت في الشبكات الاجتماعية كما في تويتر وفيسبوك.