يُمثِّل التغيير وسيلة إصلاح لواقع ظل تحت وطأة النمطية والرتابة رُدهة من الزمن ؛ الأمر الذي انعكس أثره - سلبياً - على الكثير من الأنظمة التي أصابها الوهن جراء جمودها التراكمي طيلة العقود الماضية ، وأصبحت غير متوائمة مع مُتغيرات العصر المُتلاحقة ؛ مما يعني أن التغيير أضحى أمراً حتمياً لا يقبل التأخير ؛ لضخ الدماء في شرايين الانظمة المُتكلسة ؛ بهدف إحداث تغيير يذيب المواد التي غلفها الصمت ، واختزلت التعاطي المأمول في هامش ضيِّق لا يمكن أن يُحقق تطلعات القيادة السياسية التي لم تألُ جهداً في خدمة الوطن والمواطن . هذه الرؤية جزء من طموح ملك الإصلاح – يحفظه الله – والتي عكستها روزنامة القرارات الملكية المتمثلة في التشكيل الوزاري الذي طال وزارات حيوية يأتي في مقدمتها وزارتا الخدمة المدنية والتخطيط والاقتصاد ؛ ومع أهمية بقية القرارات إلا أنني أرى أن هاتين الوزارتين بمثابة صمام الأمان للكثير من المُعضلات التي عانينا منها كثيراً في الماضي ؛ مما يعني أن الوزيرين الجديدين ينتظرهما على كرسي الوزارة الوثير ملفات ساخنة تتطلب حلولاً قصيرة المدى تستوجب إحداث أثر سريع يُطمئن المُستهدفين بخدماتهما بأن ثمة أملا طال انتظاره بدأ يتحقق على أرض الواقع بعد أن كان التسويف هو سيد الموقف ، وأخرى بعيدة المدى تستهدف اجتثاث مُسببات المشكلة من جذورها ، عن طريق إعادة النظر في النظام السائد في أروقتها منذ أمدٍ بعيد بأكمله ، وليس الاقتصار على التحسين والتطوير في الموجود ، وهذا التوجه يقودنا إلى أهمية استخدام الأساليب العلمية في قيادة دفة العمل في أي مجال ، والبعد عن الاجتهادات الشخصية والانطباعات الذاتية والاقتباسات المُخلة للأنظمة ، وإسقاطها على البيئة السعودية دون قراءة مُتعمقة لمدى مواءمتها لها أم لا ، لكي نتجنب التداعيات السلبية السابقة والتي كلفتنا الكثير من الوقت والجهد والمال دون وجود مردود إيجابي يخولها للاستمرارية على نفس وتيرتها ، ولعل المُدخل الملائم لهكذا وضع هو ما يُعرف في علم الإدارة بمُدخل إعادة هندسة العمليات الإدارية أو الهندرة ؛ الذي يسعى إلى التغيير الجذري بدءاً بإعادة هندسة نظام التفكير , وانتهاءً بإعادة هندسة نظام التنفيذ . يجب أن ننتظر – قليلاً وليس كثيراً – لمعرفة رؤية كل وزير لعمل وزارته في المستقبل ، وضرورة طرحها على الرأي العام ؛ لأن الرأي العام شريك أساسي في تشكيل هذه الرؤية التي سينعكس أثرها مُستقبلاً على تركيبة المُجتمع ومُتطلبات معيشته ، مبتعدين في بناء هذه الرؤية عن التصريحات الصحفية الرنانة التي تُدغدغ المشاعر فقط ، وتعمل على تخدير الألم دون تشخيص دقيق له ، والمُحددة زمنياً ب 100 يوم ، ومن ثم التراجع عنها ب 1000 يوم ، لكي لا تُضرب المصداقية في مقتل ، ويبقى الوضع على ما هو عليه ، ونُردد يا ليل ما أطولك . أمنية خالص الأماني للوزراء الجدد – جميعهم – بالتوفيق والسداد في قيادة العمل الوطني المناط بهم ؛ لتحقيق تطلعات ولاة الأمر وطموحات المواطنين .