مفهوم «الهندرة» في الإدارة يُعد مفهوماً جديداً، وهي بالمناسبة كلمة تم تعريبها وتركيبها من كلمتي «هندسة وإدارة»، وتمثل الترجمة العربية لكلمتي «Business Reengineering»، وتتمحور «الهندرة» حول قضية البدء من جديد، أي من نقطة الصفر، وليس إصلاح وترميم الوضع القائم، أو إجراء عمليات تجميل وإخفاء العيوب، وترك البُنى الأساسية والتحتية كما كانت عليه، طبعاً هذا تعريف السيد «جيمس شامبي» للهندرة، فيما عرّفها «رولاند راست» بأنها إعادة تصميم العمليات بشكل جذري، بهدف تحقيق طفرات كبيرة في الأداء. العجيب أن أبرز من يحتاج إلى «الهندرة» في الشركات والمنظمات والمجالس البلدية الاقتصادية، هي تلك الشركات التي توشك على الإفلاس، والشركات التي بلغت المجد في قوتها، كلاهما يحتاج إلى «الهندرة»، فالأنظمة والقوانين المتدهورة تحتاج إلى الهندرة لإنقاذها من الوضع الراهن، والمتسيدون والمسيطرون على السوق يحتاجون إلى الهندرة كي يستفيدوا من كل الفرص المتاحة، ولأن التخلي عن الفرص المتاحة هو بمثابة وضع القدم على الدرجة الأولى لسلم الانهيار، فيما عرّفها آخرون بأنها إعادة هندسة الإجراءات. ولا يخفاكم أن الإجراءات هي المعوق الحقيقي، من وجهة نظري، في مسألة نجاح أو تأخر أي منظومة خدماتية ينتظرها المواطن بشغف، ويؤمل في إعادة النظر في كثير منها لعدم مواءمتها للواقع، أو لأنها تزيد من أعبائه. الحداثة والجدة والابتكار مطلب رئيس في «الهندرة»، وتحسين وتطوير الأساليب المعمول بها في الواقع يخالف صراحة رؤية وطموح الهندرة، التي تسعى إلى التغيير الجذري في المواد واللوائح والرؤى والتفكير. السيدة «هندرة» لها أسئلة رئيسة تتمحور حول: لماذا يقومون بهذا العمل؟ وهل هذا العمل ذو قيمة لأفراد المجتمع؟ وهل يمكن أداؤه بطريقة أفضل؟ هذه الأسئلة تختصر الكثير من الحديث حول الهندرة، وأتساءل: كم نحن بحاجة إلى من يهندر الكثير من مؤسسات المجتمع المدني والخدماتي لدينا، التي تصر بشكل أو بآخر على خلق الأعذار الواهية التي تصب في مصلحة بقاء الإجراءات، وتأخير هندسة الإدارة، والتغيير من الجذور، والتخويف من كل جديد. لعل الخلاصة التي خرجت بها هو أن التغيير مطلب، والترميم حل موقت وغير كافٍ، وقد يأتي بنتيجة سلبية إن لم يتم ضبطه بأطر تُسهم في رضا العميل، بالنسبة لي أنا بدأت تطبيق مفهوم «الهندرة» في أهل بيتي، لكن الإشكال عندي من أين أبدأ! عضو الجمعية السعودية الدعوية [email protected]