* قد نتفق على إيجاد مائة مصطلح «للفساد» لكننا قد نختلف في إيجاد مصطلح واحد للمفسدين!! * عفوا علمونا أساتذة العربي والشرعي بأنه «لا مشاحة في المصطلحات». وأرجو أن تعلمنا الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد شيئًا غير هذا!! * القضية لا تكمن في معرفة من هو المفسد ومن المصلح ولكنها في قدرتك على أن تمد (إبهامك) المخلوق من لحم ودم إلى المفسد الحقيقي رقم واحد وليس رقم ألف. * وأرجو من هيئة وطنية أنشئت بأمر ملكي خصيصًا لمكافحة الفساد أن تقدم صورا واضحة للمجتمع ليكونوا نماذج حقيقية للفساد. نريد أن نرى من يقف خلف العربة وليس الحصان الذي يجرها. نريد معرفة من يحاول ابتلاع السفينة وليس من ينقر في الخشبة المتطرفة منها. نريد أن نرى بالعين المجردة وبمقاس 6× 6 (س) و(ص) و(ع) وكل الحروف الأبجدية التي تنخر فينا من الداخل وتحاول أن تعلمنا (عمليًا) أن الوطنية هي كيف أن نفتح الأفواه في زوايا منفرجة وتؤكد لنا أن عملية الهضم الناجحة هي أن تبلع من غير أن تمضغ كل ما يرى أحد أضراسك الحمراء ولا بأس أن يستمتع هذا المجتمع الطيب (بالبطون المنفوخة) طالما أننا لا نسأل: «أنى لك هذا؟»!!. * بالعربي الفصيح نريد أن نرى أسماء (الهوامير) قبل موظفي الدرجة الثانية والثالثة!! ومشكلة العرب أنهم يجيدون رفس الأقرب من الباب وليس الأكثر صدارة في المجلس!! وهذا الرفس المتطرف هو الذي خلق (إشكالية الثقة) ما بين المجتمع والجهات الرقابية وبات هناك ما يشبه الأزمة في عقلية (موس على كل الرؤوس) فالناس أصبحوا يتندرون بأن بعض الرؤوس تستعصي على الحلق. ورغم تأكيدات محمد الشريف رئيس الهيئة بعدم استثناء أي مسؤول من المساءلة مهما كان موقعه، إلا أن عبارة (كائن من كان) علينا جميعًا أن نتشارك في الدفع بها إلى الإمام حتى لا تزيد أزمة الثقة ما بين المجتمع والرقابة إلى المزيد من التعقيد. * قضية أخرى وهي لا بد من وجود مساءلة «من أين لك هذا؟». موظفون يدخلون من الأبواب الأمامية وهم (محتفين منتفين) ويخرجون يجرون بطونهم جرًا من صياصيهم بعد أن أكلوا الأخضر واليابس. هؤلاء رغم أن إخراجهم عادة يكون من الأبواب الخلفية إلا أن الأمور تمر بسلام، إعفاء وينتهي كل شيء وكل (ما ابتلعه) يصبح حلالا زلالا بلالا له وكأننا نكافئه أكثر مما نعاقبه..! * المجتمع الذي امتصوا عروقه يريد المحاسبة وخضوع الرقاب المتضخمة لها، لا أن ينتهي الأمر بطبطبة على الأكتاف و»الله يستر علينا وعليك»!! الشريف وعد بوضع قواعد خاصة للتصدي لظاهرة (الثراء المفاجئ) لبعض موظفي الدولة عبر كشف حساباتهم قبل وبعد الوظيفة! أحد الظرفاء علق: (ما نبي حساباتهم في بنك الراجحي وسامبا.. نبي حساباتهم برا). وتندر آخر: «عادي أدور لي حساب ثاني باسم ثاني». ومثل هذه التعليقات لا تنم عن مدى الإحباط من عبث المفسدين ولا من ضعف الأدوار الرقابية عليهم فحسب ولكن على خيبة الأمل في ملاحقتهم. ولهذا فعلى الهيئة وهي تعد بالتصدي لأصحاب (الثراء المفاجئ) أن تملك قبضة حديدية تسأل «من أين لك هذا؟» وتطلب «هات الباقي».. محاسبة واستيفاء وجزاء!!. من المشروع لأي إنسان أن يتكسب لكن ليس من حقه استغلال منصبه العام للنفع أو الكسب والثراء. (شيراك) حكم عليه بالسجن لانتفاعه من منصبه ولم يلتفت أحد إلى ذلك العامل الذي كان يقوم بجمع الأوراق أو تصنيفها!! خاتمة: من روائع الفاروق: (علق عصاك حيث يراها أهل الدار).