لا يختلف اثنان على أن الكرة السعودية سجلت تراجعا ملحوظا في نتائجها على المستوى القاري والدولي في السنوات الأخيرة سواء كان ذلك على مستوى المنتخبات أو الأندية، ولقد تعددت الرؤى حول مسببات هذا التراجع، ولعل الأبرز ما قيل إن عدد اللاعبين الأجانب هو السبب (!!!) لاحتلاله مواقع 4 على حساب اللاعب السعودي في كل الخانات، وظهرت أصوات تطالب بالتقليص. فما هي أسباب التراجع، وهل توقفت على اللاعبين الأجانب؟؟ طرحنا هذه الأسئلة على عدد من المختصين، بين لاعبين سابقين وإداريين حاليين، ومدربين، وإعلاميين على أمل أن يكون الطرح شاملا. محمد السراح رئيس نادي التعاون وعضو اتحاد كرة القدم والعضو السابق في لجنة الاحتراف كان معايشا لمناقشة الموضوع داخل لجان الاتحاد فترة من الزمن قال: إن إقرار مبدأ 4 أجانب في الفرق السعودية فرضه مبدأ تكافؤ الفرص مع الفرق الآسيوية لا سيما وان الكرة السعودية ممثلة بأربع فرق، ومن الصعب على الفرق أن تجلب لاعبين ويشاركون معها في البطولات لان اللاعبين يرفضون أولا هذا المبدأ، ناهيك عن التكاليف المادية المترتبة على الأندية جراء ذلك التعاقد، كما أن للاتحاد الآسيوي شروط في قيد اللاعبين هذه العوامل مجتمعة فرضت وجود اللاعبين ال4 وكان ذلك بلا شك على حساب اللاعب السعودي، وعدم اهتمام ولاسيما الأندية الكبيرة بالقاعدة في إطار بحثها عن اللاعب الجاهز من سعوديين وأجانب في إطار سعيها لتحقيق النتائج، ونتج عن ذلك أيضًا تراجع في أداء اللاعب السعودي وفي اكتشاف الفرق للمواهب لاحتلال اللاعبين الأجانب كل المواقع في الفرق فغاب صناع اللعب، والمهاجمون المميزون وحتى المدافعين، أضف إلى ذلك أن الاختيارات في الغالب للاعبين الأربعة لا تكون موفقة بسبب الكثرة العددية، والالتزامات المادية المترتبة على التعاقد معهم، وهذا جعل مستوى القادم اقل من المتوقع، ومن هذا المنطلق أرى أن وجود هذا العدد اضر باللعبة بطريقة أو بأخرى. تلقيص الإعانات وجاءت وجهة نظر فهد المدلج رئيس نادي الفيصلي متفقة إلى حد بعيد مع الفقرة الأولى من إجابة السراح فيما يتعلق بالأنظمة والقوانين الدولية والقارية والتي تفرض عليك التفاعل معها والتعاقد مع هذا العدد في ظل الرغبة بالمنافسة على المستوى القاري، إلا أن المدلج ذكر سببا آخر اتخذته الدولة قبل نحو عشر سنوات في إطار الترشيد المالي وعطل عجلة العمل في الأندية الرياضية والمتمثل في تقليص إعانات الأندية في النشاطات الرياضية والثقافية وغيرها فعاشت الأندية على الكفاف في ظل ارتفاع هائل في تكاليف الحياة العامة وفي عقود اللاعبين المحليين والأجانب على حد سواء وفي عقود المدربين والمساعدين والأطباء وحتى الملابس والمستلزمات الأخرى مما أعاق حركة الأندية وبدلا من أن يصعد مؤشر العمل للأعلى للتدليل على التطور انحدر للأسفل للتأكيد على التراجع. ويضيف المدلج قائلا: لقد كانت لدينا في النادي خطة عشرية نفذناها إلى حد ما، ولدينا خطة جديدة معدة في كتيب بها الرؤية، والهدف، أسلوب العمل وضعها متخصصون في مختلف المجالات من محبي النادي لكنها ستبقي حبيسة الادراج حتى تتوفر المادة. سياسات خاطئة اللاعب الدولي السابق والمحلل الرياضي حاليا حمد الدبيخي برأ ساحة اللاعبين الأجانب تماما مما يحدث وقال هذا الكلام غير صحيح البتة، وان وجوده عامل مهم في المنافسة ورفع الأداء، ولو كان وجوده مضرا كما يقال لاختفت من الوجود منتخبات مثل أسبانيا، ايطاليا، فرنسا، ألمانيا، انجلترا وكلهم أبطال عالم، وعدد اللاعبين الأجانب في دوريات تلك الدول يصل إلى 8 وعشرة وأحيانا فرق بكاملها ولم يقولوا ما نقوله نحن، إذن فالحجة هنا باطلة وعلينا البحث في المسببات الحقيقية ومنها السياسات الخاطئة، ومنها تشتت الجهد في مشاركات خليجية، عربية، آسيوية ودولية دون أدنى فائدة من هذه المشاركات إذ كان لدينا 7 – 8 فرق تلعب في الدوريات الأخرى 4 آسيوي، 2 عربي، 2 خليجي، مما فرض على الأندية التفكير في المشاركات الخارجية ودعم الفرق بلاعبين جاهزين على حساب القاعدة التي ماتت في الأندية الكبيرة والتي تمثل مشتل المنتخبات الوطنية، ووصل بها الحال إلى أنها غير قادرة على تجديد صفوفها لكثرة الالتزامات، الاتحاد في طريقه لانتكاسه، النصر تائه، الأهلي كذلك، مما جعل احتياطي الهلال والشباب أساسيين في المنتخب، إذن فالخلل يقع هنا وليس في اللاعبين الأجانب التي حاولت الإمارات تقليص عددهم ثم تراجعت لعدم جدوى الخطوة، وإذا كان لدينا منتج صحيح فسيفرض وجوده في الملعب سواء كان فيه أجانب أم لا. سقف الطموح اللاعب الدولي وقائد فريق الوحدة سابقا حاتم خيمي قال: قد نتفق ونختلف حول ما إذا كان الأجنبي هو السبب فهو يحتل 4 مراكز في الفريق فأين مستوى اللاعبين السعوديين الستة الآخرين في الفريق، الأمثلة كثيرة على بطلان هذه المقولة ومنها ما يجري في أوروبا مع أن الوضع هناك لا ينسحب علينا بصورة مباشرة لان اللاعب السعودي لا يلعب خارج حدوده وبالتالي ليس أمامه فرص سوى ملاعب بلاده، ويضف القول: اللاعب الموهوب والمقتدر سيفرض وجوده على ارض الواقع بوجود الأجانب وبغيابهم فهداف الدوري السعودي في المواسم الأخيرة سعودي هو ناصر الشمراني وهناك لاعبون كثيرون برزوا وفرضوا وجودهم، ومن هذا المنطلق علينا أن نبحث في المسببات الحقيقية للتراجع وان نغوص في أعماق المشكلات والمسببات ونعالجها بطرق إبداعية بعيدا عن الروتينية القاتلة التي طغت على عملنا في السنوات الماضية. إننا بحاجة إلى خطة نرفع من خلالها سقف طموح اللاعب السعودي بحيث يكون حصوله على مبلغ عشرين مليون محفزا له لجلب 20 أخرى بدلا من أن تكون قاتلة له ولطموحه فيختفي بعد تجديد العقد والشواهد كثيرة، وبدلا من نقوم بتحديد سقف الرواتب، وحتى مقدم العقود فهذه الخطوة مخالفة تماما لقاعدة الإبداع والتحفيز عليه، وستؤدي إلى قتل ما بقي لدى اللاعبين من طموح وتجعلهم كسالي، ومتمردين أحيانا، لما ستتركه مثل هذه القرارات من اثر على تفكير العقل الباطني لدى اللاعبين. لا فائدة من وجوده الناقد الرياضي في قناة أبو ظبي الرياضية ورجل القانون محمد الدويش أكد انه ليس لكنه لم يضف شيئا للفرق التي جلبته واخذ مكانة لاعب سعودي، وان وجوده هدر للمال، وإضاعة للجهد ولو كان القرار بيدي لأبعدته عن الملاعب السعودية أو أبقيت لاعبا واحدا فقط لأنني لا أرى من الموجودين حاليا من يستحق البقاء ولا سيما في الأندية الكبيرة، وان ثلاثي الهلال في الأعوام الثلاثة الماضية نيفيز، ويلهامسون، رادوي كانوا الوحيدين الذين صنعوا الفرق للهلال مع غيره وحينما رحلوا وجلب الهلال لاعبين عاديين أصبح هو مثل غيره من الفرق في الدوري، مشيرا إلى أن الأندية المتواجدة في منطقة الأمان هي من استفاد من اللاعب الأجنبي مثل التعاون، الفيصلي، الفتح. الدويش قال: إن الأسباب الحقيقية للتراجع هي نتاج العمل الذي يقوم الاتحاد السعودي لكرة القدم عبر لجانه المختلفة ولا سيما المسابقات المنتخبات ببرامجها التي لازالت تتبع سياسة التفضيل ( المنتخب أولا) والمفروض أن تكون الأندية أولا لأنها مفرخة المنتخبات ومصنع اللاعبين الذين يدفعون الآن ثمن التداخل في المواسم الرياضية صحتهم وفكرهم لأنهم لم ينالوا الوقت الكافي من الراحة بعد الموسم الماضي، موضحًا أن سياسية المعسكرات الطويلة التي تنتهجها حاليا إدارة محمد المسحل إعادة الكرة السعودية للوراء 30 سنة. سوء لا بد منه ويرى الإعلامي المخضرم ورئيس لجنة الإعلام والإحصاء في اتحاد كرة القدم احمد صادق دياب أن ( وجود اللاعب الأجنبي في الملاعب السعودية سوء لا بد منه، وليس شرا ) استفادة منه الأندية وتضررت المنتخبات، وان إبعاده سيوفر الملايين بلا شك لكنه سيؤدي إلى تغيير خارطة المسابقات السعودية وسيصبح لازما على الأندية السعودية التفرغ للمسابقات المحلية والتخلي عن البطولات الخارجية وبالتالي فقد أصبحنا واقعين بين المطرقة والسندان، البطولات المحلية والمشاركات الخارجية وهنا ستبرز مشكلة العدالة في تساوي الفرص بين الأندية السعودية والأندية الآسيوية والعربية، مما يجعلنا نبقي على اللاعب الأجنبي ولك بعدد اقل (لاعبين فقط) في إطار التوازن بحيث ستستفيد الأندية، ولا يتضرر المنتخب، . ارفعوا عددهم المحلل الرياضي والإداري السابق في نادي الهلال عادل البطي كان له رأي مخالف لما تطرق إليه المشاركون وقال إن اللاعب الأجنبي ليس سبب التراجع ولا بد أن يكون سبب التطور كما يحدث في كل بلاد العالم، وانه شخصيا يطالب بزيادة عددهم إلى ستة واعتبار اللاعب الخليجي مواطن كما هو معمول به في دول أوروبا، وأضاف البطي قائلا: ليس بالضرورة أن يكون لديك دوري قوي ومنتخب قوي، ولم يكن اللاعب الأجنبي سبب تراجع مستويات المنتخبات فبريطانيا تملك أقوى دوري في العالم منذ عدة عقود لكن آخر إنجاز عالمي لمنتخبها كان عام 1966 وأسبانيا الحاضنة ملاعبها لأكبر حشد من اللاعبين الأجانب أوروبيين وغيرهم هي بطلة كأس العالم وبطلة أوروبا في النسخ الأخيرة وقبلها ايطاليا وألمانياوفرنسا، واستطرد قائلا مشكلة الكرة السعودية في عوامل خارجية مؤثرة، من أبرزها قلة المال الذي يعد عصب الحياة فاللاعب ينتظر راتبه عدة اشهر، وحينما يتأخر عن التدريب بضع دقائق تتعالى الأصوات بمحاسبته، وعندما تتأخر الرواتب لا احد يحاسب الأندية، كما أن نمط الحياة المعيشية الاجتماعية تؤثر سلبًا على عطاء اللاعبين، وكذلك طرق التدريب، ومعدل الحصص التي يحصل عليها اللاعب، وقبل ذلك اهتمام الأندية بالناشئة وإعدادهم على أسس علمية صحيحة، أضف إلى ذلك أن منهجية اللعب تغيرت فقد كانت قبل عشرين سنة تقوم على مثلث المهارة، السرعة، القوة، وبقيت المحاور الثلاثة قائمة حتى يومنا الحاضر ولكن تغير مفهوم التطبيق بحيث أصبحت اللعبة تعتمد على القوة، السرعة، المهارة.