وفاة الملحن محمد رحيم عن عمر 45 عاما    مصر.. القبض على «هاكر» اخترق مؤسسات وباع بياناتها !    ترامب يرشح سكوت بيسنت لمنصب وزير الخزانة    حائل: دراسة مشاريع سياحية نوعية بمليار ريال    «موديز» ترفع تصنيف السعودية إلى «Aa3» مع نظرة مستقبلية مستقرة    الاتحاد يتصدر ممتاز الطائرة .. والأهلي وصيفاً    "بتكوين" تصل إلى مستويات قياسية وتقترب من 100 ألف دولار    بريطانيا: نتنياهو سيواجه الاعتقال إذا دخل المملكة المتحدة    الأمر بالمعروف في عسير تفعِّل المصلى المتنقل بالواجهة البحرية    النسخة ال 15 من جوائز "مينا إيفي" تحتفي بأبطال فعالية التسويق    القادسية يتغلّب على النصر بثنائية في دوري روشن للمحترفين    (هاتريك) هاري كين يقود بايرن ميونخ للفوز على أوجسبورج    نيمار: فكرت بالاعتزال بعد إصابتي في الرباط الصليبي    وزير الصناعة والثروة المعدنية في لقاء بهيئة الصحفيين السعوديين بمكة    مدرب فيرونا يطالب لاعبيه ببذل قصارى جهدهم للفوز على إنترميلان    الأهلي يتغلّب على الفيحاء بهدف في دوري روشن للمحترفين    وفد طلابي من جامعة الملك خالد يزور جمعية الأمل للإعاقة السمعية    قبضة الخليج تبحث عن زعامة القارة الآسيوية    القبض على (4) مخالفين في عسير لتهريبهم (80) كجم "قات"    أمير المنطقة الشرقية يرعى الأحد ملتقى الممارسات الوقفية 2024    بمشاركة 25 دولة و 500 حرفي.. افتتاح الأسبوع السعودي الدولي للحِرف اليدوية بالرياض غدا    بحضور وزير الثقافة.. «روائع الأوركسترا السعودية» تتألق في طوكيو    مدرب الفيحاء يشتكي من حكم مباراة الأهلي    أوكرانيا تطلب أنظمة حديثة للدفاع الجوي    محافظ عنيزة المكلف يزور الوحدة السكنية الجاهزة    أمانة الشرقية تقيم ملتقى تعزيز الامتثال والشراكة بين القطاع الحكومي والخاص    رحلة ألف عام: متحف عالم التمور يعيد إحياء تاريخ النخيل في التراث العربي    «طرد مشبوه» يثير الفزع في أحد أكبر مطارات بريطانيا    فيتنامي أسلم «عن بُعد» وأصبح ضيفاً على المليك لأداء العمرة    هل يعاقب الكونغرس الأمريكي «الجنائية الدولية»؟    شقيقة صالح كامل.. زوجة الوزير يماني في ذمة الله    «الأرصاد»: أمطار غزيرة على منطقة مكة    الرعاية الصحية السعودية.. بُعد إنساني يتخطى الحدود    فريق صناع التميز التطوعي ٢٠٣٠ يشارك في جناح جمعية التوعية بأضرار المخدرات    "الجمارك" في منفذ الحديثة تحبط 5 محاولات لتهريب أكثر من 313 ألف حبة "كبتاجون    الملافظ سعد والسعادة كرم    "فيصل الخيرية" تدعم الوعي المالي للأطفال    الرياض تختتم ورشتي عمل الترجمة الأدبية    «السقوط المفاجئ»    حقن التنحيف ضارة أم نافعة.. الجواب لدى الأطباء؟    «بازار المنجّمين»؟!    مسجد الفتح.. استحضار دخول البيت العتيق    الثقافة البيئية والتنمية المستدامة    عدسة ريم الفيصل تنصت لنا    المخرجة هند الفهاد: رائدة سعودية في عالم السينما    تصرفات تؤخر مشي الطفل يجب الحذر منها    ترمب المنتصر الكبير    وزير الدفاع يستعرض علاقات التعاون مع وزير الدولة بمكتب رئيس وزراء السويد    فعل لا رد فعل    إنعاش الحياة وإنعاش الموت..!    رئيس مجلس أمناء جامعة الأمير سلطان يوجه باعتماد الجامعة إجازة شهر رمضان للطلبة للثلاثة الأعوام القادمة    إطلاق 26 كائنًا مهددًا بالانقراض في متنزه السودة    محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية تكتشف نوعاً جديداً من الخفافيش في السعودية    "التعاون الإسلامي" ترحّب باعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة التعاون معها    أمير الرياض يرأس اجتماع المحافظين ومسؤولي الإمارة    أمير الحدود الشمالية يفتتح مركز الدعم والإسناد للدفاع المدني بمحافظة طريف    أمير منطقة تبوك يستقبل سفير جمهورية أوزبكستان لدى المملكة    سموه التقى حاكم ولاية إنديانا الأمريكية.. وزير الدفاع ووزير القوات المسلحة الفرنسية يبحثان آفاق التعاون والمستجدات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المعلوم من الدِّين بالضرورة أنَّه لا دين إلاَّ بجماعة ولا جماعة إلاَّ بإمامة ولا إمامة إلاَّ بسمع وطاعة

في البدء أكد سماحة مفتي عام المملكة، ورئيس هيئة كبار العلماء ورئيس اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ أن موقعي بيان القطيف مثيرو فتنة يحاولون بث سمومهم لزعزعة أمن الدولة واستقرارها، مستغلين أحداثا فصل فيها القضاء وأبدى فيها حكمه الشرعي وفق كتاب الله تعالى وسنة نبيه محمد -صلى الله عليه وسلم، دون تمييز طائفي أو تفريق عنصري.
وقال إن القيادة الحكيمة لهذه البلاد المباركة بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، مؤتمنة على شعبها، تقف على أمن واستقرار البلاد، وتطبق أحكام شرع الله تعالى دون ظلم أو اعتداء على أحد، مشيرًا إلى أن الناس بجميع فئاتهم وطبقاتهم ومذاهبهم سواسية في أحكام شرع الله دون تفريق وتمييز بينهم، مما يتوجب على الجميع صغيرا أو كبيرا ذكرا وأنثى السمع والطاعة، والامتثال لأحكام شرع الله المبارك وعدم الالتفات لهذه الدعاوى والسموم التي تبث عبر مواقع الانترنت.
ضلوا وأخطأوا
وحول رأيه في موقعي البيان قال: هؤلاء ضلوا وأخطأوا الطريق الصحيح والمنهج الحكيم، ولو كانوا صادقين في دعواهم وبيانهم لاتصلوا بالجهات المعنية الرسمية، التي من خلالها يمكن أن يحققوا مطالبهم إن كانت شرعية وصحيحة، معتبرا الطريقة التي قاموا من خلالها ببث بيانهم ومطالبهم، طريقة سيئة في نقل المطالب وتشويه البلاد وأهلها، مؤكدا أن ما يدل على صحة ذلك أنه لا خير فيها أبدا. ودعا سماحة مفتي المملكة أهل القطيف جميعهم إلى تقوى الله تعالى وعدم الإصغاء لأمثال هؤلاء المرجفين، والمحافظة على هذه النعمة العظيمة التي يتمتعون بها ومجتمع المملكة بوجه العموم، مؤكدًا أن المملكة تعيش بفضل من الله ونعمة في أمن وأمان واطمئنان واستقرار، مشيدا في الوقت نفسه بحكمة وعقلانية رجالات أهل القطيف وعقلائهم الذين سعوا جاهدين لدرء الفتنة والبعد عن مواطن الإرجاف، والتحلي بالحكمة.
آداب النصيحة
من جانبه أشار المستشار في الديوان الملكي عضو هيئة كبار العلماء معالي الشيخ عبدالله بن سليمان المنيع إلى أن النصيحة تكون مبنية على حق لولي الأمر اتباعا لقول الله سبحانه وتعالى «يأيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم»، وفي نفس الأمر ينبغي أن يكون التناصح بين الوالي وبين الرعية تحقيقا لقوله صلى الله عليه وسلم: «الدين النصيحة، لله ولكتابه، ولرسوله، ولأئمة المسلمين وعامتهم».
وأضاف أن النصيحة يجب أن تكون مبنية على آداب تكون نتيجتها القبول، باعتبار أن الغرض من ذلك النصح لا التشفي أو إشاعة ما يكون سببًا من أسباب اضطراب الأمن ونزعة اللحمة وإشاعة الفوضى وغيرها من الأسباب السيئة، وعاد إلى القول: بأن من آداب النصيحة أن تكون مبنية على أسباب قبولها، ومن ذلك السرية، وأن تكون مبنية في أسلوبها على أدب الخطاب، «وجادلهم بالتي هي أحسن».
وسائل شرعية
من جانبه اعتبر عضو هيئة كبار العلماء عضو اللجنة الدائمة للإفتاء معالي الشيخ الدكتور صالح بن فوزان الفوزان أن الإنكار على ولي الأمر علانية في وسائل الإعلام المختلفة مخالف للسنة النبوية، ويفضي إلى مفاسد وفتن وشرور، وتحريض على الخروج على ولي الأمر، ويفرق بين الراعي والرعية، مشيرا إلى وجوب مناصحة ولي أمر المسلمين، بالسر بين الناصح وولي الأمر، واتخاذ جميع الوسائل الشرعية في هذا الجانب.
خطوط حمراء
في الإطار نفسه أوضح عضو هيئة كبار العلماء الشيخ الدكتور عبدالله المطلق أن الخطابات التي يطلقها البعض والتي تتسبب في الشوشرة وحدوث ما لا تحمد عقباه على عقلاء الناس عدم الالتفات إليها، وأن يعلموا أن مثل تلك البيانات التي يصدرها بعض الأشخاص هدفها زعزعة الأمن وهي في حقيقة الأمر لا بد من عدم الالتفات لها.
وأشار إلى أن في كل دولة خطوطا حمراء وبخاصة فيما يتعلق بالشأن الأمني، حيث تكون الحرية في إبداء الرأي عبر بيان أو مقال أو انترنت غير مقبولة، وأضاف: أستغرب أن يصدر عدد محدود من المواطنين بيانا تناولوا فيه حكما قضائيا شرعيا صدر بحق فئة شكلت خلية إرهاب، وأكد أن الاعتراض على مثل هذا الحكم غير مقبول إطلاقا لأن أمن الوطن لا مساومة عليه، فمن واجب الدولة أن تحمي أمن الوطن وأن توقف أمثال هؤلاء من أي فئة كانت، وأشار إلى أن الاعتراض على معالجة الحكومة لهذا الأمر هو الآخر أمر غير مقبول من الحكومة والمواطنين، موضحا أن هذه الفئة التي قامت بأعمالها في القطيف فئة قليلة لا تمثل أهل القطيف، وعلماء ومثقفو وأبناء القطيف اعترضوا عليهم ولم يؤيدوهم، وأشار إلى أن هناك طرقا مشروعة وأبوابا مفتوحة لكل من أخذ على عاتقه المطالبة بحقوقه شأنه في ذلك شأن بقية مدن المملكة.
السمع والطاعة
وبدوره قال:عضو هيئة كبار العلماء الشيخ الدكتور يعقوب الباحسين أنه يجب على الناس مراجعة العلماء والسمع والطاعة لولاة الأمر وأن الأحداث الأخيرة التي دعا إليها البعض ولم نرَ تجاوب الناس معها عبرت عن محبة الحكام لشعبهم ومحبة الشعب لحكامهم.
وطالب الباحسين جميع المواطنين السعوديين بعدم الالتفات إلى ما يقال من كلام في هذا الصدد، وقال: عليهم سؤال أهل الذكر في جميع تصرفاتهم وعليهم أن يفكروا بكل خطوة يقومون بها، وكذلك عليهم عدم التصرف بأي أمر دون استشارة المسؤولين عن الفتاوى والنصائح، مبينا أن بعض الناس قد تتكلم دون وعي أو إدراك أو فهم ويفترض عليها سؤال أهل الذكر في مثل هذه الأمور.
ضعف أفق
من جانبه أكد المفكر الإسلامي الشيخ الدكتور محمد بن إبراهيم السعيدي رئيس قسم الدراسات الإسلامية بجامعة أم القرى أن العدل الذي أمرنا به الله سبحانه وتعالى يقتضي أن يلم الإنسان بجميع جوانب القضية التي يريد أن يصدر حكما فيها، وقد فتن الله سبحانه نبيه داود عليه السلام أن ابتلاه بالحكم دون سؤال طرفي النزاع، وهذا درس رباني يعلمنا الله فيه خطر الكلمة وخطر إصدارها دون إحاطة وإلمام.
وحول صدور بعض البيانات قال: إن أول ما يلاحظ على بيان من سموا أنفسهم بالإصلاحيين أنه أبعد ما يكون عن هذه القاعدة، فقد اعتبر البيان وسائل الإعلام الخارجية التي دعمت مثيري الفتنة في القطيف حقا مسلما لا يقبل التشكيك ولا النقاش، وجعل قول الغالبية العظمى من أهل القطيف وقراها وشيعة الأحساء وجميع أهل السنة في منطقة الأحداث الأخيرة وما سواها قولا مردودا، كما جزم برد بيان وزارة الداخلية الرسمي وما توصل إليه من نتائج، مبينا أن القارئ للأحداث المنصرمة يجد أنها صدرت من أقلية لا تمثل أهل القطيف ولا تمثل الشيعة في المملكة العربية السعودية، الذين لا يمثلهم أهل القطيف وتساءل: كيف استطاع كتاب هذا البيان بحقيقة ما توصلوا إليه ورد كل هذه الأحداث المخالفة له.
الرغبة المبيتة
وأشار السعيدي إلى أنه قد اتضح من داخل البيان ضعف أفقهم إذا أحسنا الظن بهم، لأننا حين نتحدث بواقعية، فلن نقتصر على القول بضيق الأفق، بل سنقول إن البيان يستبطن رغبة مبيتة للتصعيد، ويجعل ما حدث قضية دولية مفتوحة على الإعلام العالمي، وهذا ما لا يرتضيه مواطن محب لوطنه أن يكون في بلاده، مضيفا أن إيران التي شهدت مظاهرات شارك فيها ما يقرب من نصف الشعب لم يطالب قادة المظاهرات بأي تدخل دولي سواء أكان حقوقيا أم إعلاميا، مع أن الأزمة الإيرانية انتهت كما هو معروف للعالم بأسره بقوة الحديد والنار واغتصاب النساء داخل السجون، بل أن تقرير منظمة صحافيون بلاحدود يجعل إيران في مقدمة الدول التي تحتضن سجونها صحافيين حاولوا القيام بتغطية تلك الأحداث.
أصول العقيدة
من جهته أشار الدكتور أحمد بن قاسم الغامدي مدير عام فرع هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بمنطقة مكة المكرمة سابقا إلى أن وجوب السمع والطاعة لولاة أمور المسلمين في المعروف، والصبر على جور الجائرين منهم، أصل من أصول عقيدة أهل السنة والجماعة التي باينوا بها أهل الأهواء والبدع، وقد علم بالضرورة من دين الإسلام أنه لا دين إلا بجماعة، ولا جماعة إلا بإمامة، ولا إمامة إلا بسمع وطاعة، وقد اهتم أهل السنة والجماعة بهذا الأصل العقدي وبترسيخه، خصوصا عند غلبة الجهل به، أو فشو الأفكار المنحرفة عن الحق، فالسمع والطاعة لولاة الأمر من المسلمين في غير معصيةٍ أمر متفق على وجوبه عند السلف، وهو معتقد بني على نصوص شرعية واضحة استفاضت وتواترت كقول ابن عاشور رحمه الله: (لما أمر الله الأمة بالحكم بالعدل عقب ذلك بخطابهم بالأمر بطاعة الحكام ولاة أمورهم، لأن الطاعة لهم هي مظهر نفوذ العدل الذي يحكم به حكامهم، فطاعة الرسول تشتمل على احترام العدل المشرع لهم وعلى تنفيذه، وطاعة ولاة الأمور تنفيذ للعدل)، وقال: (وإنما أمر بذلك بعد الأمر بالعدل وأداء الأمانة لأن هذين الأمرين قوام نظام الأمة وهو تناصح الأمراء والرعية وانبثاث الثقة بينهم، ولما كانت الحوادث لا تخلو من حدوث الخلاف بين الرعية، أو بينهم وبين ولاة أمورهم، أرشدهم الله إلى طريقة فصل الخلاف بالرد إلى الله والرسول. ومعنى الرد إلى الله الرد إلى كتابه، كما دل على ذلك قوله في نظيره {وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله}، موضحا أن ما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في وجوب السمع والطاعة كثير جدا منه كقوله: (على المرء المسلم السمع والطاعة فيما أحب وكره، إلا أن يؤمر بمعصيةٍ فإن أُمر بمعصيةٍ فلا سمع ولا طاعة)، وقال (إنها ستكون بعدي أثرةٌ، وأمورٌ تنكرونها قالوا: يا رسول الله فما تأمرنا؟ قال: تؤدون الحق الذي عليكم، وتسألون الله الذي لكم)، ومعناها كما في شرح صحيح مسلم: (تجب طاعة ولاة الأمور فيما يشق وتكرهه النفوس). وقال مفسرًا الأثرة (هي الاستئثار والاختصاص بأمور الدنيا عليكم)، وقوله: (اسمعوا وأطيعوا، فإنما عليهم ما حملوا، وعليكم ما حملت.
فساد وتهييج
وحول البيان الموقع قال الغامدي: إن البيانات الحاسوبية المحرضة تتعارض مع هذه النصوص لما توصل إليه من فساد وتهييج للعامة على السلطان وإسقاط هيبته والواجب كف ذلك كله بكل وسيلة والأخذ على يد من يفعل شيئا منها أو يدعو إليها أو يحرض عليها بكل حزم وقوة وإنفاذ حكم الشرع فيه، ولا يجوز التراخي فيه حسما لكل من يطمع في ذلك، والله تعالى شرع لأمة الإسلام السمع والطاعة في المعروف والشورى والنصيحة بالحكمة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالرفق كما أمر والتعاون على البر والتقوى والصبر وأمرنا بالرد إليه وإلى رسوله صلى الله عليه وسلم عند التنازع ولم يأمرنا بالرد إلى الشعب أو الأغلبية فكل ذلك خلاف الحق، وإن تلك البيانات المؤلبة على الحاكم لا تؤول بالعلاقة بين الحاكم والمحكوم إلا بالتباغض والتخاصم والعناد والفساد وفقدان الثقة وربما الفتنة، والواجب المشروع حين يرى البعض أن هناك خللا في الحكم أو الحاكم المناصحة (الدين النصيحة) قلنا لمن؟ قال: (لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم)، فإن وجد السلطان الحق فيما نوصح فيه أو في بعضه وعمل به فالحمد لله وإن لم يجد أو لم يأخذ به لاعتبار رآه الحاكم فقد أدى الناصح ما عليه وبرئت ذمته، والسلطان مسؤول عن رعيته والصدق مع الله واجب على الجميع وتحري الحق كذلك والأخذ بمسالك الحكمة والمجادلة بالتي هي أحسن في النصح هي سبيل الناصحين الصادقين.
وأضاف: أما هذه البيانات القادحة والمحرضة والمنازعة ففعل أهل البدع والأهواء ومآل أهلها الضعف والفشل والفساد والعداوة والبغضاء ولو ادعى أهل تلك المسالك صلاح القصد والنية فإن ذلك لا يصح منهم قال تعالى (ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم)، والنهي عن التنازع يقتضي الأمر بتحصيل أسباب ذلك: بالتفاهم والتشاور، ومراجعة بعضهم بعضا، حتى يصدروا عن رأي واحد، فإن تنازعوا في شيء رجعوا إلى أمرائهم، مضيفا أن البيانات الجماعية المعلنة ليست في حقيقتها وسيلة للتعبير عن الرأي بل وسيلة الفتنة والتحريض عليها، والتعبير عن الرأي يكون بالمحادثة والمكاتبة والمناصحة والمجادلة بالتي هي أحسن.
الوطنية والتعايش
من جانبه أوضح الدكتور خالد الرميح الأمين العام للهيئة العالمية للمسلمين الجدد أن البيانات التي يريد بها بعض الناس التشويش والتخريب وإثارة الشغب من المفترض عدم النظر لها والالتفات إليها، وقال: من أراد إظهار رأيه فعليه مخاطبة العلماء فيما يريد التحدث فيه دون النشر عبر وسائل الإعلام فهذا الأمر لا يجوز لما يقتضيه من تشويش وإثارة فتنة.
وأضاف: حينما يغيب معنى مفهوم الوطنية ومفهوم التعايش مع المخالف ينتج عن ذلك أمور لا تحمد عقباها من أي طرف كان، وأكد أن أبناء القطيف وغيرهم من أبناء المملكة في ربوعها الشاسعة يتمتعون بحقوق كاملة أسوة بغيرهم، وربما لم تحظ مدن أخرى بما حظيت به القطيف ومناطق الشرقية من تنمية وتطور وازدهار، واعتبر أن تنادي هؤلاء الموقعين كان مناداة في غير محلها، وأضاف الغريب أن عامة الموقعين يمثلون فكرًا واحدًا، وقد خلطوا بين قضيتين اتهموا فيها القضاء عموما، ولا شك أن أعلى سلطة نتحاكم إليها جميعا هي القضاء، وإذا حكم القضاء فلا تدخل في أحكامه، لأنه الأمر المحايد في كل القضايا المختلفة، واعتبر البيان الموقع بادرة سيئة ولا سيما أن هؤلاء الموقعين جهلوا القضية الشرعية في هذا الجانب.
الطرق الحكيمة
من ناحيته اعتبر المفكر الدكتور محمد الهرفي أنه من الصعب منع الأشخاص من التحدث والتكلم في الموضوعات التي تهمهم، فكل إنسان له رأيه وأصبح من السهولة أن يطلق كل منهم رأيه في وسائل الإعلام ولهذا من الصعب أن نوقف مثل تلك البيانات التي يكون هدفها هو الإثارة والتشويش وحدوث أعمال الشغب.
وأشار إلى أن انتشار هذه الموضوعات يفرض واجب التحدث عنها في المساجد والمدارس بطرق «حكيمة»، وبرر ذلك قائلًا: الأفراد الذين يكتبون ويوقعون على تلك البيانات هم من فئة المحققين، وإذا أردنا إيقافهم فيجب علينا التصرف بمثل طرقهم في الإقناع والتعبير، وطرقهم تقوم على الكلام الحكيم الموضح بالأدلة والبراهين والأسلوب القوي في الطرح والنهج، وحث على أن تكون الكتابة التصحيحية في الموضوع من قبل متخصصين يتسمون بالعمق الفكري وقوة الطرح والقدرة على التحليل حتى يمكنهم منافسة هؤلاء في توضيح الحقائق إلى المواطنين، وأكد ضرورة اتباع الأساليب الهادئة والواضحة والطرق الحكيمة في الإقناع.
الحوار الهادئ
وأضاف: أن الحديث بالشدة والتعالي مع من أطلق تلك الخطابات لن يكون مجديًا معهم، ولابد أن يؤخذوا بالتي هي أحسن وأن يحاوروا باللين والأساليب الهادئة، فلو اتخذ المرء منهم وجهة نظر وتم منعه بالقوة من التعبير عنها، فسيكرر ما قاله أكثر من مرة، ويصر عليه لذا يجب محاورته وإقناعه من خلال الحوار الهادئ القائم على الأدلة والبراهين حتى نقنعه بخطأ رأيه ويكون من السهل بالنسبة له العدول عنه، وأشار إلى أن المثقفين بمختلف توجهاتهم ومستوياتهم الثقافية يتفاوتون في قوة الطرح والمقدرة على الإقناع.
وبدوره رفض الداعية الشيخ سلطان الخثلان إصدار البيانات ونشرها عبر الانترنت، وتجريح الهيئات القضائية، وقال: الأصل في النصيحة أن تكون مصحوبة بالرفق واللين والحكمة والموعظة الحسنة، ومعرفة الوقت المناسب في إسدائها واختيار العبارات المناسبة لذكرها وقد حصر النبي صلى الله عليه وسلم الدين في النصيحة فقال في الحديث الذي أخرجه مسلم من رواية تميم الداري ((الدين النصيحة، قلنا لمن؟ قال: لله ولكتابه ولرسوله ولائمة المسلمين وعامتهم)).
وأكد أن النصيحة لأئمة المسلمين بإعانتهم على الحق وطاعتهم فيه وأمرهم به وتذكيرهم في رفق ولين وإسرار ولا يكون ذلك علانية لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بذلك في الحديث الذي أخرجه أحمد في مسنده من حديث عياض بن غَنْم حيث قال عليه الصلاة والسلام: ((من أراد أن ينصح لسلطان بأمر فلا يُبد له علانية ولكن ليأخذ بيده فيخلو به، فإن قبل منه فذاك وإلا كان قد أدى الذي عليه)).
واضاف أن هناك ضوابط وشروطا لإسداء النصيحة ولا يكون ذلك بالبيانات التحريضية التي لا يستفيد منها سوى أعداء الإسلام.
ومن ناحيته انتقد المستشار القضائي الشيخ إبراهيم آل فريان التعليق على الأحكام القضائية، وقال: إن هناك طرقا نظامية تجاه الأحكام الصادرة على أو لصالح المواطنين، فمن يريد أن يطعن في حكم صدر له أو عليه فان هناك درجات للتقاضي، وهو حق كفلته الأنظمة للجميع، أما التعليق على الأحكام القضائية ببيانات وما شبه ذلك فان في ذلك مخالفة نظامية تستوجب المساءلة، وأكد ضرورة احترام الأحكام القضائية الصادرة من المحاكم وهو أمر معمول به في دول العالم كافة.
وأوضح الفريان أن المحاكم توفر لصاحب الدعوة أو المرفوع ضدهم دعاوى أن يقدموا ما لديهم من إثباتات وشهود وأدلة، تعضض أقوالهم، ومن حقهم الدفاع عن أنفسهم، أو توكيل محامين عنهم، وجلسات المحاكم لدينا علنية، وبعد صدور الحكم هناك درجات أخرى لاستئناف الأحكام أو الطعن عليها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.