عندما أتذكّر مقولة "عباس محمود العقاد": (لست أهوى القراءة لأكتب، ولا لأزداد عمرًا في تقدير الحساب، إنما أهوى القراءة لأن لي في هذه الدنيا حياة واحدة، وحياة واحدة لا تكفيني ولا تحرك كل ما في ضميري من بواعث الحركة، القراءة وحدها هي التي تعطي الإنسان الواحد أكثر من حياة واحدة، لأنها تزيد هذه الحياة عمقا).. اكتشف حينها أننا أمة باتت تقتني الكتب لتركنها فوق الرفوف، سواء في منازل البعض منا أو في مكتباتنا العامة. لا ننكر أن دور الكتاب والمكتبات الشخصية والعامة أصبح مغيبًا أمام الكم الهائل من العوائق التي أخذتنا بعيدًا عنها.. الوقت والمكان، والمتغيرات الراهنة في هذا العصر والتي صرفتنا عن المكتبة والكتاب، وانشغلنا عنها بوسائل الترفيه والترف، حتى أضحينا أمةً لا تقرأ. وتناسينا في تلك الدوامة أن القراءة هي التشريع السماوي الأول الذي ردده جبريل عليه السلام ثلاث مرات على مسامع المصطفى محمد بن عبدالله عليه أتم الصلاة والتسليم حين قال له: (اقرأ). إن الركود الفكري والثقافي الذي نعاني منه في زمن المتغيرات، أدى إلى انحسار المعرفة واقتصارها على الكتاب المدرسي وكتب البحوث التي تغلق دفاتها بعد الانتهاء منها، وهذا الآن يجعلنا في أمس الحاجة لمن يتبنى فكرة إنشاء المكتبات في أحياء مدن المملكة سواء من الدولة أو رجال الأعمال أو الاثنين معًا، واستحداث آليات جديدة لترسيتها واستمراريتها، على أن توفر كتبًا وبرامج ومصادر حديثة تواكب متطلبات العصر وتخدم كافة فئات المجتمع على اختلاف مستوياتهم الاجتماعية والفكرية وحتى الصحية منها، لاستدراك ما فاتنا، وهذا من شأنه أن يخلق فينا مجتمعًا يتوقد ثقافة وفكرًا، ليهب الحياة حياة أخرى مستدامة لنا ولأبنائنا من بعدنا. مرصد: مقولة للإمام الحسن بن علي: (عجبت لمن يتفكر في مأكوله كيف لا يتفكر في معقوله).