كالشمس عند المغيب تبقى كما هي متألقة محتفظة بجمالها وبريقها وإشعاعها إلى آخر لحظة، ويبقى عشاق لحظات الغروب يرتادون هذا المشهد المهيب، هكذا كان المفكر الكبير والفيلسوف المتألق دوماً أنيس منصور رحمه الله وأسكنه فسيح جناته. أنيس منصور علم معروف من أبناء المنصورة في مصر الحبيبة، تعلّم وأتقن عدة لغات حية، وترجم لنا الكثير من الكتب ونقل إلى عالمنا العربي ثقافات وحضارات شعوب أخرى. من عصر العظماء، وكان يعيش بيننا ننهل من معين فكره وعلمه وخبرته وفلسفته في الحياة، ممن عاصروا عمالقة الأدب والثقافة والفن والفكر في عالمنا العربي، و من مدرسة العقاد تخرج، وفي بلاطه خالط نخبة من قادة التنوير الفكري والثقافي. رحم الله الأديب والمفكر والفيلسوف «أنيس منصور» كم كنا نأنس بقلمه وفكره، كان يتبسط في كلماته وعباراته ليخاطب الجيل الجديد بلغته التي تُفهم بعيدًا عن التعقيدات. كم سنفتقد إصداراتك الجديدة لنتعلم منها ونفخر بها في مكتباتنا، مكتبتي ستشتاق لجديدك لأنها تعودت على أن أضيف إليها دوماً جديدك من كتب ومقالات كنت أهوى تجميعها في ملفات خاصة لأتعلم منك ولو عن بعد. ولكن لن تغيب شمسك عن ساحتنا الفكرية والثقافية، كلماتك ستبقى خالدة، وفلسفتك عن الحياة لها عشاقها، ومن الذي لا يحب أنيس منصور صاحب القصص والروايات والكتب التي تنوعت وتعددت. دعوة لكل من يهوى الفكر والفلسفة أن يبحر في عالم المبدع والكاتب الكبير الذي رحل بهدوء شديد وغاب عن حياتنا، فلا تنسوه من دعواتكم فهو في أمس الحاجة إليها لتؤنسه في قبره. أختم بكلمات مختارة من بعض إصداراته رحمه الله: يقول في كتابه اقرأ أي شيء: (رأيي الخاص: أن أي شيء.. أي ورق يقع بين يديك يجب أن تقرأه، المهم أن تكون القراءة عادة وأن تصاحبها لذة المعرفة وتحقق المتعة والبهجة لأنها تجعلك لا تتوقف عن القراءة). وفي كتابه لعلك تضحك يقول: (مقياس حضارة الشعوب قدرتها على أن تضحك!! الحظ يضحك لمن يضحك على نفسه كثيرًا). ويقول في كتابه كيف لا أبكي: (لم يعرف الحياة من لم يعرف البكاء.. ولم يعرف الراحة بعد ذلك من لم يعرف الدموع.. فالدموع هي الحزن وقد ذاب، وهي الأسى وقد تحول إلى قطرات على الخد.. على الأرض التي منها وإليها يعود). [email protected]