بعد 3 حلقات استعرضنا فيها هموم المتقاعدين في القطاعين العام والخاص، وابرزها الاستقطاعات الكبيرة من الراتب بعد التقاعد الى الحد الذى لا يجعله كافيا لسد الاحتياجات الرئيسية للكثيرين، بات السؤال الشائع على لسان الجميع: هل الراتب التقاعدى ميراث يجب الحصول عليه كاملا ام انه من نوع من التكافل الاجتماعي بين جميع المشتركين، يراعي اعداد المستفيدين من الورثة وان يحصل المستفيد فيه فقط على ما يكفيه، لينتقل الفائض الى اسرة اخرى اكثر إلحاحا. بدليل ان مشترك ما قد يتوفى بعد فترة قصيرة من العمل، وبمقتضى النظام قد يصرف لاسرته اضعاف ما دفعه هو عدة مرات. في البداية نعرض لرؤية المؤسسة العامة للتقاعد من خلال ردها على مقال نشره الكاتب في المدينة عبد الله الجميلى تحت عنوان (التقاعد تر ث المتقاعد) والمتضمن أن المؤسسة العامة للتقاعد ترث الموظف بعد وفاته وتحرم أولاده وأنه لا بد أن يدفع ذلك لورثته باعتباره إرثا ومطالبته باعطاء المتقاعد علاوة سنوية كما هو مطبق في بعض الدول كالأردن والكويت. يقول مصطفى بن عبدالقادر جودة مدير إدارة علاقات المتقاعدين المكلف أن المؤسسة العامة للتقاعد مناط بها تطبيق نظامي التقاعد المدني والعسكري اللذين يقومان على مبدأ التكافل الاجتماعي وان نظام التأمين ليس نظاما للتوفير وفقًا لما نصت عليه المذكرة الايضاحية للنظام على اعتبار ان من اهداف المؤسسة تأمين مورد مالي لموظفي الدولة المدنيين والعسكريين بعد تقاعدهم وتركهم للخدمة وفق الاحكام والنصوص الواردة بهذين النظامين، وقد يأخذ الموظف بعد تقاعده أو عجزه عن العمل او المستفيدين عنه بعد موته اكثر مما خصم منه. واضاف: بعض الموظفين المدنيين والعسكريين لم يمض على التحاقه بالعمل إلا فترة قصيرة جدًا ثم يتوفى ويعطى المستحقون عنه معاشا يستمر لفترة طويلة ولو تم الأخذ بأن المعاش التقاعدي ميراث لتم رد ما استقطع من الموظف فقط اثناء حياته لورثته وعليه فإن المعاش التقاعدي لا يعتبر تركة ولا تسري عليه تبعًا لذلك أي من احكامها. كما ان المؤسسة لا تحرم الابناء والبنات وغيرهم من المستفيدين من المعاش بل يصرف لهم وفق شروط وضوابط وضعها النظام. وبشأن ما أثير عن منح بعض الدول كالاردن والكويت علاوة سنوية للمتقاعدين فإن لكل نظام طبيعة خاصة وحسابات مستقلة به وتؤخذ المقارنة بين الانظمة كمجمل دون الأخذ بحكم معين، والثابت ان النظام المطبق في الاردن لا يمنح المتقاعد اكثر من 75% من راتبه مهما بلغت خدمته وفي الكويت لا يتجاوز المعاش 95% من راتب الموظف في حين ان نظام التقاعد في المملكة يمنح 100% من الراتب كمعاش تقاعدي عند بلوغ الخدمة المدة المؤهلة لهذا المعاش كما ان شريحة المستفيدين من المعاش اوسع في نظام التقاعد في المملكة من الدول المشار اليها. وبخصوص نقص الرواتب التقاعدية فإن تحديد مقدارالراتب التقاعدي يتم حسب النظام على اساس معاملين رئيسين هما مقدار الراتب الاساسي الاخير ومدة الخدمة وفيما يخص تطوير نظام التقاعد فقد قامت المؤسسة بالرفع عن مشروع نظام التقاعد الجديد للجهات المختصة. وفي مقابل ذلك لايزال المشروع المقترح الذي تقدم به 3 اعضاء من مجلس الشورى هم المهندس محمد القويحص ويوسف الميمني واللواء محمد ابو ساق الخاص لتعديل انظمة التقاعد المدني والعسكري والتأمينات الاجتماعية بإضافة مادة جديدة تتعلق بعلاوة سنوية للمتقاعدين على ألا تقل عن 5 بالمائة لمواجهة غلاء المعيشة يقبع في إدارج اللجنة الخاصة المشكلة من مجلس الشورى لدراسة هذا المقترح الذى مرعليه اكثر من ثلاث سنوات. وفي هذا الصدد علمت «المدينة» من مصادر مطلعة بمجلس الشورى ان اللجنة الخاصة المشكلة لدراسة المقترح وجهت عددا من استفسارات الي جهات حكومية لأخذ معلومات وبيانات تثري المقترح الا ان اللجنة لم يصلها رد من تلك الجهات المعنية. وقال اللواء محمد ابو ساق ان هذا الموضوع طرح على المجلس قبل ثلاث سنوات ونصف ومن ثم احيل الى لجنة خاصة لدراسته ولم يتم الانتهاء منه, وقال انه كان يتوقع دراسة المقترح لدى اللجنة الخاصة في حد اقصى ثلاثة اشهر، مشيرا الى ان اللجنة تستطيع خلال فترة قصيرة ان تخاطب كل الجهات المعنية بهذا المقترح، وكذلك استضافة مندوبين منها ومن ثم تعود الي المجلس بوجهة نظر اما بالموافقة او الرفض. ورأى ان بقاء المشروع المقترح في ادراج اللجنة او أي جهة بالمجلس دون عرضه على اعضاء المجلس لمناقشته امر غير مبرر. واوضح انه لم يبلغ بسبب تأخير المشروع كل هذه السنوات الطويلة متمنيا ان يرى النور قريبا لان الحاجة ماسة اليه. واكد ابوساق ان هذا المقترح قدم بقناعه كاملة لمساعدة المتقاعدين على مواجهة ارتفاع المعيشة، مبينا الي ان كثيرا من المتقاعدين يلجئون الى الضمان الاجتماعي لسد النقص. وقال من الافضل ان يقدم هذا الدعم من خلال قناة واحدة وهو الراتب التقاعدي وزيادة سنوية مثل المؤسسات التقاعدية حول العالم. ووفقا لمؤسسة التأمينات الاجتماعية يوزع المعاش بالكامل بالتساوي على أفراد عائلة المشترك المتوفى المستحقين إذا كانوا ثلاثة أو أكثر، ونسبة (75%) من قيمة المعاش إذا كانا اثنين، ونسبة (50%) إذا كان المستحق شخصًا واحدًا، ويشترط ألا يقل نصيب كل فرد من أفراد العائلة عن (345) ريالا، بحيث لا يتجاوز مجموع هذه الأنصبة (1.725) ريال، أو متوسط الأجور الذي تم حساب المعاش على أساس أيهما أكبر. وفي حالة زواج الأرملة أو البنت أو بنت الابن أوالأخت بعد وفاة المشترك يصرف لها منحة زواج بواقع (18) شهرًا من قيمة نصيبها في المعاش لمرة واحدة، ويتم إيقاف الصرف لها. إذا طلقت أو ترملت بعد ذلك يتم إعادة إدراجها ضمن المستحقين . وفي حالة طلاق أو ترمل البنت أو بنت الابن أو الأخت التي لم تكن مستحقة وقت وفاة المشترك، يتم إدراجها ضمن المستحقين. وفي حالة عودة العجز للابن أو الأخ أو ابن الابن الذي سبق وقطع نصيبه لزوال عجزه، يتم إدراجه ضمن المستحقين. اما في حالة وفاة المشترك الذي توفر لديه مدة اشتراك تؤهل لصرف المعاش أو وفاة صاحب معاش (تقاعد أو عجز غير مهني أو عجز كلي أو جزئي مستديم) يصرف لأفراد عائلته منحة تساوي ثلاثة أشهر من قيمة المعاش بحد أقصى (10000) ريال، توزع بينهم بالتساوي، فإذا لم يوجد سوى مستحق واحد تصرف له بالكامل. المفتي العام يرحب بمناقشة أي تعديلات لنظام التقاعد رحب سماحة مفتي عام المملكة العربية السعودية الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ بدراسة أي مقترحات بشأن تعديل نظام التقاعد. وقال ردا على استفسار «المدينة» بشأن مدى جواز قيام مصلحة التقاعد والتأمينات بتوزيع جزء من معاش التقاعد على ورثة المتوفى بما قد لا يساوي أحيانا ربع معاشه قبل الوفاة خاصة إذا كان عدد أفراد أسرته قليلا: إن هذا الموضوع لم يصل بخصوصه شيء للإفتاء، وأنه متى سيصل السؤال والاستفسار حول الإجراء الذي تقوم به مصلحة التقاعد إلى الإفتاء فإن اللجنة ستناقشه وتبدي رأيها الشرعي حيال إجراءات المصلحة. الحكمي وابن منيع: نظام التقاعد الحالي نوع من التكافل الاجتماعي قال عضو هيئة كبار العلماء وعضو المجلس الأعلى للقضاء الدكتور علي بن عباس احكمي: نظام التقاعد الحالي نوع من التكافل الاجتماعي وليس ادخارا يصرف للورثة حسب ميراثهم. ولفت إلى أن النظام بحاجة إلى دراسة من عدة جوانب اجتماعية واقتصادية ومحاسبية ثم عرضه على هيئة شرعية لبيان حكمه. فيما رأى عضو هيئة كبار العلماء الشيخ الدكتور قيس آل مبارك أهمية طرح هذه المسألة على سماحة مفتي عام المملكة لتناقشه هيئة شرعية متخصصة من الإفتاء والمتخصصين من كبار العلماء لتبدي رأيها حياله. واعتبر الشيخ عبدالله بن منيع عضو هيئة كبار العلماء: مصلحة التقاعد ومؤسسة التأمينات الاجتماعية غير إرثية وإنما العلاقة تعاقدية بين الموظف وبين المصلحة، وفي هذا العقد تتولى الدولة النيابة عن موظفها فيما يخص ذلك، مشيرا إلى أن هذه القضية والمسألة مبنية على النظام، وهذا النظام إذا كان فيه جور وظلم على الموظف يجب أن يراجع بما يتوافق مع المصلحة. ونفى علمه بوجود دراسات وأبحاث حول هذه المسألة.