وضعت نتائج المرحلة الأولى للانتخابات البرلمانية المصرية، والتي أظهرت تقدمًا ملحوظًا للتيارات الإسلامية، أسئلة عديدة من أهمها لماذا تقدموا وتقهقر الليبراليون وخرجوا بالضربة القاضية من حلبة المنافسة أمام التيارات الدينية، الإسلاميون أكدوا أنهم حصلوا على هذه النسبة نتيجة ثقة الشعب فى برامجهم، وكنتيجة طبيعية أيضاً لحالة الوعي لدى المصريين فى اختيار من يمثلونهم ضاربين عرض الحائط بالمهاترات والبرامج الورقية التى تعبر فقط عن أصحابها، وأن «الإخوان» لم يسعوا لحصد غالبية مقاعد البرلمان لتشكيل الحكومة تحت قبة البرلمان أو صياغة دستور مصر، وهو ما أكده رئيس حزب الحرية والعدالة الدكتور محمد مرسي الذى قال إن ما دفع الحزب صوب تصدر المشهد الانتخابي أنه يعمل وفق منهج علمي واقعي ويحدث ويطور من أفكاره في ضوء ما تقتضيه الظروف الراهنة، كما اعتدنا على العمل وسط الناس ننزل إليهم ونتفاعل مع مشاكلهم ونضع لها الحلول قدر المستطاع.. حتي شيدنا جسرًا صلبًا من المصداقية وهذا رسخ أقدامنا على طريق المعركة الانتخابية وجعلنا نخوضها عن يقين بأن جهودنا التي بذلناها لن تذهب سدى. وأضاف موسي: حزب «الحرية والعدالة» الذارع السياسي للإخوان لا ينظر خلفه وإنما دائمًا بصره متجه إلى عمق المستقبل يقرأ جيدًا التفاصيل التي يحتويها.. عملنا بين الناس لم يكن وليد اللحظة ولكنه تحقق عبر سنوات من العمل المنظم والصادق والمخلص من أجل بناء وطن متكامل العناصر وراسخ البنيان.. كنا نؤمن بأن هناك يومًا سيأتي وتعاد الأمور لنصابها الحقيقي ويعيش المجتمع تجربة ديمقراطية حقيقية.. تلك التجربة بدأ يتجسد واقعها في الانتخابات البرلمانية التي انطلقت في مشهد مهيب. هذه هي الصورة الحقيقية لتيار أخلص في العمل وظل قويًا صلبًا لم يكسره النظام السابق رغم محاولاته المتكررة.. تيار على هذا النحو الذي بدا فيه متلاحمًا مع الناس في كل مكان يعايش واقعه.. ليس في حاجة لأن يلجأ لأدوات تخالف القانون. من جهته، يقول الدكتور عماد عبد الغفور رئيس حزب النور السلفي: كنا نتوقع تصدر المشهد السياسي، وهو ما سنسعى إليه فى الجولتين القادمتين. ويضيف أن بروز الحزب فى المرحلة الأولى كان له أسبابه وهو أن الحزب يمتلك أرضية لدى الشارع فى المدن والقرى والنجوع مما يمكنه من إدراك المشاكل اليومية التي يعاني منها المواطن والعمل على حلها أهلته لكسب ثقتهم، كما أن به كفاءات متعددة في المجالات المختلفة تمكنه من تنفيذ برنامجه التنموي الشامل، كما أن مرشحى حزب «النور» تم اختيارهم بمعيار الكفاءة والأمانة بعيدًا عن المجاملات واللعب بمشاعر الناس كما أنه لا يضم أيًا من الفلول بين قوائمه. فى المقابل يقول الدكتور محمد أبو الغار قيادي فى حزب الكتلة المصرية: اعتمدنا على مظاهر حضارية في التعامل مع الدعاية الانتخابية ولم نلجأ الي طرق ملتوية وغير مشروعة، انطلاقًا من الإيمان بوطنية الناخب وقدرته علي إقامة حوار جادٍ لبناء المجتمع.. الوعي لدى الناس بلا شك المقياس الحقيقي للانتخاب وبدون وعي لن يكون هناك انتخابات حقيقية وتلك القضية الأساسية في الحصول على أصوات الناخبين والتعامل على أرضية تلك القضية يشهد اختلافًا بين الأحزاب بعضها بعضًا وفق توجهات وأفكار مسبقة. وأرجع الأمين العام لحزب «التجمع» المهندس محمد فرج الفشل إلى الصراعات الداخلية داخل الأحزاب السياسية القديمة خاصة حزب «التجمع» والتي أدت إلى عدم حصولهم على مقاعد في المرحلة الأولى للانتخابات البرلمانية، وأفقدتهم الشارع المصري. وأوضح أن حزبي «الوفد» و»الناصري» أكبر الخاسرين في الانتخابات، وأن الإسلاميين هم الفائز الأكبر، فيما تواجدت الكتلة المصرية بشكل لائق، في الوقت الذي انشغل اليساريين والناصريين بمشكلاتهم الداخلية وصراعاتهم الحزبية ما بين انسحاب عدد من الأعضاء لتكوين أحزاب جديدة، ومابين التصارع علي الرئاسة والمواقع القيادية وتفككوا إلى عناصر صغيرة، وكان الإسلاميون يعدون أنفسهم بتنظيم ممتاز، واستعدادات على أعلى مستوى لخوض الانتخابات. من جانبه، قال الدكتور عمرو هاشم ربيع الخبير فى شؤون الأحزاب إن المرحلة الأولى من الانتخابات البرلمانية جاءت معبرة عن الشارع المصري بشكل لم يسبق له مثيل من قبل، وهو ما شكل رؤية جديدة للعلاقة بين المرشحين واختيارات المواطنين، حيث إن المواطن يختار من يعبر عنه ويمنحه ما افتقده خلال السنوات الماضية، مشيرًا إلى أن ما حدث في الانتخابات البرلمانية توجيه لهذه الرؤية، حيث تباعدت الأحزاب القديمة التي لم تستطع خلال الفترة التى سبقت الثورة وما بعد الثورة الوصول إلى عقل الشارع، أما الأحزاب الجديدة وغير الحديثة مثل «الحرية والعدالة» التي هي موجودة بالفعل فى الشارع بخدماتها بين المواطنين خاصة البسطاء جعل لها الأفضلية لدى الناس. وأضاف هاشم أن نتائج المرحلة الأولى عبرت عن هذا التوجه بتقدم مرشحي حزب «الحرية والعدالة»، وكذلك مرشحي «الكتلة المصرية» وأيضًا السلفيين الذين كانوا مفاجأة للجميع، أما الأحزاب الأخرى التى كانت متواجدة قبل الثورة مثل حزب «الوفد» مثلا فقد كان متوقعًا عدم حصدها لنتائج كبيرة، وكذلك الحال بالنسبة لأحزاب الفلول التى جاءت نتائجها معبرة عن رد الفعل السلبي تجاههم، بعد نجاح حملات كشف الفلول وإدراك الناس بأنهم لن يكونوا أفضل من يمثلهم بل هم بقاء للنظام السابق، متوقعًا أن يستمر تقهقر الأحزاب الليبرالية فى المرحلتين المقبلتين وتقدم الإسلاميين باعتبارها مرحلة الوصول إلى عقول الناس كما قلت بالإضافة إلى التواجد المستمر فى الشارع المصري، وقال إن تراجع «الوفد» يعود لنفس الأسباب بالإضافة إلى انسحابه من التحالف.