حرص العديد من المسلمين على مدى اليومين الماضيين (التاسع والعاشر من محرم) على إحياء سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم في أداء النوافل والطاعات والالتزام بهديه في يوم عاشوراء وذلك بالإمساك عن الطعام في هذا اليوم الذي شهد له الرسول بأنه أعظم أيام الصيام، حيث أعادت هذه المناسبة أجواء شهر رمضان المبارك الذي يمسك فيه الإنسان عن الطعام فضلا عن المعاصي والآثام وحفظ جوارحه من السمع والبصر واللسان. وقد بدت مظاهر الاحتفال بهذا اليوم بأن حملت الأسر المكية إفطارها لتتوجه به إلى المسجد الحرام قبل أن يرفع مؤذن الحرم المكي أذان المغرب بنحو ساعة من الزمن حيث انطلقت حينها جموع من المواطنين والمقيمين في مكةالمكرمة الذين حرصوا على الصيام بدءا من التاسع من شهر محرم في اتجاه واحد هو الحرم المكي الشريف متسابقين لكسب نصيبهم من الأجر والثواب من خلال مد عشرات السفر لإفطار الصائمين المتواجدين بين جنبات وساحات المسجد الحرام الخارجية من مختلف الجنسيات. جموع الصائمين اصطفت بانتظام في وقت مبكر في أجواء غلفتها الروحانية والمحبة على امتداد السفر التي تكفل بها أهل الخير والجهات الخيرية في أجواء تشابه الأجواء الرمضانية وبدأت أيادي الخير المحملة بأطعمة ووجبات الإفطار في ملء السفر بوجبات متنوعة من الأطعمة تم توزيعها في الساعة الأخيرة من النهار يعاونهم الكبار والصغار من كافة الأجناس والأعمار إلى جانب متابعة موظفو وموظفات الرئاسة العامة لشؤون الحرم الذين سخروا جهودهم خلال لحظات ما قبل الإفطار لخدمة قاصدي البيت الحرم بتوجيههم ومساعدتهم، إضافة إلى عمال النظافة داخل وخارج الحرم الذين تهيؤوا لإزالة سفر الإفطار خلال مدة وجيزة لا تتجاوز بضعة دقائق. وتصدرت وجبة الفول والتميس اهتمام الناس في هذا اليوم بشكل لافت للنظر وبدا الزحام واضحا على أعتاب هذه المحلات بعد أن امتدت الطوابير قبل انطلاق أذان المغرب بنصف ساعة؛ وذلك حرصا من الصائمين على الاحتفاظ بسخونة الفول ومذاقه الطازج في هذه التوقيت الروحاني. وقد أرجع احد البائعين كثرة الطلب على الفول إلى فوائده العظيمة فهو غني بالبروتينات والفيتامينات والأملاح المعدنية مثل الحديد والفسفور التي تعوض ما يفقدها الصائم في نهار الصيام. كذلك لم تكن محلات بائعي السوبيا في معزل عن هذه البرتوكول الرمضاني الاستثنائي، حيث شهدت فترة ما بين العصر والمغرب ذروة الإقبال على المحل لشراء أكياس السوبيا التي تنحصر قيمتها في إمداد الجسم بالطاقة والتي قد تكون مهمة للصائم، حيث يدخل إعدادها الشعير أو الخبز الجاف أو الزبيب. كما ظهر في المشهد بائعو السبموسة واللقيمات وغيرها مفترشين أرصفة الشوارع والطرقات العامة لجذب جموع الصائمين الذين توافدوا بأعداد كثيفة على بسطات هؤلاء البائعين لاقتناء أهم أطباق السفرة الرمضانية. أما البلح والتمر الذي يرتبط بخصوصية الاستهلاك في شهر رمضان عند الإفطار فقد كان حاضرًا على مائدة الصائمين يوم عاشوراء، حيث أعادت الأجواء الرمضانية من خلال قيام بعض الأفراد والجمعيات الخيرية توزيع أكياس التمر على الصائمين الذين حرصوا على أداء صلاة المغرب في الحرم المكي الشريف والشوارع الجانبية. على جانب آخر أقام عدد من المساجد محاضرات دينية عن فضل صيام يوم عاشوراء وبيان بعض البدع والاعتقادات الفاسدة في يوم عاشوراء، وإصدار مطوية حول هذه المناسبة وفضائل وأحكام وانقضاء العام الهجري ونعمة الوقت، ومحاسبة النفس إلى جانب إقامة برنامج إفطار جماعي للصائمين في تلك المساجد. يذكر أن فضائل صيام يوم عاشوراء يكفر ذنوب السنة والأحوط على المسلم أن يصوم التاسع والعاشر والحادي عشر حتى يدرك صيام يوم عاشوراء اقتداء بسنة الرسول صلى الله عليه وسلم.