«الحب ورأس المال» كتاب جديد لماري جابرييل، يتعرض لأسرار الحياة الخاصة للفيلسوف والمفكر الشهير كارل ماركس، ويمزج بين الخاص والعام للرجل الذي سعى لتغيير العالم عبر أفكاره. والكتاب بعنوانه الكامل: «الحب ورأس المال.. كارل وجيني ماركس: مولد ثورة» يتضمن صورًا قلمية مشوقة لماركس وزوجته جيني وعائلته ورفيق عمره فريدريك انجلز وسياق العصر والحياة في المنفى وعذابات الغربة والعمل الثوري والكفاح من أجل الأفكار وطغيان الهم السياسي وانشغالات الثائر على حساب أسرته الصغيرة. بمقاربات البحث الجاد وتقنيات السرد المشوق في كتاب لايزيد عن 200 صفحة تذهب ماري جابرييل إلى أنه لولا النساء في حياة كارل ماركس لما أصبح ماركس الذي عرفه العالم تماما، كما أنه لولا ظهور ماركس لما أصبح العالم هو العالم الذي نعرفه. هكذا يتجول القارىء في البيت مع كارل ماركس وزوجته ذات الأصل الارستقراطي جيني فون فيستفالين، كما يتجول في أروقة التاريخ بعواصم أوروبا في منتصف القرن التاسع عشر والأجواء الثقافية والسياسية. ومن كولونيا إلى باريس وبروكسل فلندن- مضت الحياة بالزوجة المحبة الصابرة مع زوجها كارل ماركس حتى الممات والراحة الأبدية في مقبرة «هاي جيت» فيما توفيت جيني عام 1881 اي قبل زوجها بعامين. ومن مفارقات الحياة الخاصة والعائلية لكارل ماركس انه في الوقت الذي كان يسعى فيه بلا هوادة للاطاحة بأنظمة الحكم الأوروبية التي اعتبرها انظمة رجعية ومتخلفة كان شقيق زوجته جيني هو وزير داخلية بروسيا. ومن الطبيعي أن يثير الحديث عن الحياة الخاصة لفيلسوف ومفكر مثل كارل ماركس الذي ملأ الدنيا وشغل الناس الكثير من الفضول والاهتمام، وهذا ما فعله الكتاب الجديد الذي تناول الجوانب الشعورية في حياة ماركس وقصة حبه الكبير لامرأة وسط دوامات التاريخ وأعاصير الواقع. يتحدث الكتاب عن كارل ماركس الرجل والأب والزوج والصحفي وعن قصص حب ونزوات تصل لحد الخيانة الزوجية وموت الأبناء وضيق ذات اليد في منفاه بلندن ودراما المواجهة بين العقل الجبار والواقع الأليم. عندما ماتت ابنتهما فرانسيسكا وهي في عامها الأول لم يجد كارل ماركس ثمن كفنها وعندما مات الابن ميوش راح الأب ينتحب ويقول لصديقه انجلز: عرفت من قبل معنى سوء الحظ ولكنني الآن عرفت معنى التعاسة، عرفت معنى القلب الكسير ولا عزاء لي سوى أن نسعى معا لتغيير هذا العالم. ويكشف الكتاب الجديد عن أن كارل ماركس الذي عرف في الحياة السياسية بالصلابة ورفض الحلول الوسط والمساومات والمهادنات مع خصومه الذين كان يتعامل معهم بازدراء هو ذاته الشخص الذي يحب في حياته الخاصة الرقص ويتطلع للرفاهية والدعة ولا يمانع في النميمة ويتمتع بجاذبية للنساء والرجال على حد سواء. ومن المثير للتأمل أن فريدريك انجلز صديق العمر لكارل ماركس وشريك افكاره ومموله من مصانعه كرأسمالي ثري كان رجلا محبا للذائذ الحياة و«ابن حظ وزير نساء» حتى انه تعرض لانتقادات واتهامات حادة من بعض رفاق اليسار واتهمه احدهم باغتصاب عشيقته كما يؤكد هذا الكتاب. لكن فريدريك انجلز اوصى بجزء كبير من ثروته الطائلة لقادة الحركة التي التفت حول افكار ماركس وفي الطليعة من تبقى من ابناء كارل ماركس وهما الابنتان توسى ولورا ومن الغريب أن حياتهما انتهت بالانتحار. وماري جابرييل التي عرفت بميلها للكتابة في مجال سير المشاهير، ترى أن نقد كارل ماركس للرأسمالية يكتسب المزيد من المصداقية مع الأيام، خاصة في ضوء الأزمات الخطيرة واخرها ازمة 2008 التي تظهر أن الرأسمالية غير معصومة ولا يجوز منحها قداسة.