ما إن يقف عبدالمجيد اليوسف -34 عاما- وهو مواطن يعمل في القطاع الخاص، عند إحدى الإشارات الضوئية الحمراء في شوارع جدة إلا ويطلق لبصره العنان أمام شاشة الإعلانات الالكترونية لمشاهدة ما يسليه من المواد المعروضة مثل (توم وجيري، ميكي ماوس، وغيرهما الكثير من الرسوم الكرتونية المتحركة) إضافة إلى ساعة مكة، وتوجيهات تربوية بدلا من وقت الفراغ الذي سيقضيه سدى أمام الإشارات المرورية. وما أن أضاء اللون الأخضر في إشارة ضوئية بطريق الملك عبدالله وهمّ السائقون بالانطلاق، ظل الطفل أحمد عبدالله -9 سنوات- يطالب أبيه بأن يتمهل قليلا لمشاهدة المقطع الأخير من الرسوم المتحركة، منتظرا ما سيسفر عنه ذلك السباق المحموم بين القط والفأر. ما سبق ليس من نسج الخيال بل مشاهد حقيقية واقعية يومية في طرقات جدة، حيث بات من الملاحظ اليوم مشاهدة تلك الشاشات الالكترونية التي بدأت تغزو شوارع العروس عند إشارات المرور وفي الميادين العامة، وعلق أحدهم على ذلك ساخرا «يبدو أن أمانة جدة أرادت أن تساعد السائقين والركاب على تجاوز ملل ومشقة الوقوف الطويل عند الإشارات المرورية وتكدس السيارات في جميع شوارعها بفعل المشاريع التي تنفذها الأمانة، فلجأت إلى نشر 12 شاشة إلكترونية في مواقع مختلفة من المدينة». مواجهة ملل المشاريع. يقول السائق محمد ناصر والذي كان يرسل النظر باتجاه شاشة في شارع الملك خالد جوار ميدان الطائرة: «جدة تحولت هذه الأيام إلى ورشة عمل، مشاريع متعددة وبطء في الحركة المرورية خاصة وقت الظهيرة، وأصبح الواحد منا متذمرا من شدة الزحام، فخيرا صنعت الأمانة بوضع هذه الشاشات التي أصبحت تسلينا، وفي نفس الوقت تساهم في الجانب التوعوي، فهناك بعض الرسائل التوعوية كالحث على الصلاة وبر الوالدين». إضافة جمالية ويقول المدير التنفيذي لشركة جدة للتنمية والتطوير العمراني طارق التلمساني وهي الشركة المشرفة على تلك الشاشات:» انبثقت فكرة الشاشات الإلكترونية الجديدة في مدينة جدة منذ عامين بالتعاون مع شركة دار المئوية لإعلانات الطرق وذلك لإضافة خدمة جديدة في شوارع جدة تتماشى مع التوجه العالمي للوحات لما فيها من إضافة جمالية على الطرقات وكذلك للمساهمة في التوعية الدينية الوطنية والاجتماعية من خلال الرسائل التي يتم بثها على هذه الشاشات إضافة إلى الرسائل الترفيهية من خلال المقاطع التي تعرض على الشاشات». 12 شاشة إلكترونية وعن آلية اختيار المواقع قال: «قامت شركة جدة باختيار مواقع هذا النوع من الوسائل الدعائية مستعينة بشركة عالمية متخصصة في مجال الدعاية والإعلان اعتمدت على معايير علمية أهمها كثافة اللوحات الإعلانية بالكيلومتر المربع، والكثافة المرورية للمركبات الموجودة بالتقاطعات الرئيسة»، مشيرا إلى أنه تم تركيب 12 شاشة عند التقاطعات الهامة والمزدحمة، مثل طريق الملك عبدالله، شارع الملك خالد، دوار جامعة الملك عبدالعزيز، شارع فلسطين، إلى غيرها من المواقع الهامة. وأكد التلمساني أن الغرض من هذه الشاشات بالنسبة لشركة جدة هو التطوير الجمالي لعروس البحر الأحمر باستخدام التقنية الحديثة إضافة إلى الجانب الإعلامي والتجاري. مدة الإعلان 45 ثانية وحول آلية التحكم بالإعلان أجاب التلمساني: «آلية الإعلان في الشاشات تتم عن طريق التحكم بها مركزيا من المكتب الرئيس لشركة دار المئوية، وهي موصلة بمركز تحكم واحد ويتم من خلالها بث البرامج والإعلانات على الشاشات التي هي عبارة عن شاشة تليفزيونية خارج المنزل ولكن بحجم كبير»، مشيرا إلى أن المدة الزمنية للإعلان تختلف حسب رغبة العميل وهي تتراوح ما بين 7 إلى 45 ثانية. لا أثر سلبيا على السير بدوره قال مدير إدارة مرور جدة العميد محمد القحطاني ل «المدينة»: «هناك تنسيق مع الجهة المسؤولة عن هذه اللوحات سواء الأمانة أو الغرفة التجارية، وإذا وجد أي ضرر كتعطل الحركة أو إشغال السائقين أثناء السير فحينئذ نطالب الجهة ذات العلاقة بإعادة النظر في موقعها». وأضاف: «أغلب اللوحات الموجودة تم اختيار مواقعها بعناية شديدة وبعد دراسات شاملة لكل الاحتمالات، لا اعتقد بوجود أي أثر سلبي لها على السلامة المرورية».