أطلقت وزارة الشؤون البلدية والقروية المرحلة الأخيرة من الخطة التجريبية لتشغيل قطار المشاعر المقدسة والتي تستمر 30 يوما، لإخضاع قطار المشاعر المقدسة للتجربة طوال 360 ساعة عمل وتشغيل وسط مراقبة فريق عمل من الخبراء الدوليين والمحليين، «عكاظ» شهدت الخميس الماضي انطلاق أعمال المرحلة التجريبية في أول رحلة للقطار جابت مشعر عرفات، مزدلفة ومنى، فيما يواصل نحو 25 ألف عامل وضع اللمسات النهائية لإنجاز المشروع. ومن المقرر أن يقف وزير الشؤون البلدية والقروية صاحب السمو الملكي الأمير منصور بن عبدالعزيز على تجربة تشغيل القطار الثلاثاء المقبل. جولة داخل القطار جولة «عكاظ» انطلقت برفقة مدير أحد القطارات ويدعى المهندس الصيني يونق، مدير تنسيق الأنظمة في الشركة الصينية للسكك الحديدية المهندس ديفيد فو، والمهندس ممدوح الشريف منسق التوثيق والرصد . انطلقت الرحلة في الخامسة عصرا حيث كان القطار خلية نحل يكتظ بالفنيين والخبراء من المهندسين، كل منهم يعمل في مهمة كلف بها سلفا، فالمرحلة التي يعيشونها الآن مرحلة تجربة نهائية. القاطرات التي جالت «عكاظ» في داخلها كانت مثيرة للروعة حيث تحوي شاشات العرض التلفزيونية الجانبية، إضافة إلى أكثر من 48 شاشة عرض أخرى، فيما علقت على جنبات المقاعد لوحات إرشادية لما يجب فعله عند حالات الطوارئ. وفي مقصورة القيادة، كان يجلس سائق القطار، ولكل قطار سائقين أحدهما في أول القطار والآخر في نهايته ودورهما يكمن في المراقبة ليس إلا وخلال جولتنا العاجلة في الممرات. وهنا أكد المهندس الصيني يونق أن مسار القطار يبلغ طوله حوالي عشرين كيلو مترا بمسارين مرتفعة عن الأرض وقد صممت كذلك بحيث تخلى الشوارع من المركبات للاستفادة منها لسيارات الطوارئ والخدمات، موضحا بأن مسار القطار ينتهي عند محطة الجمرات على طريق الملك عبدالعزيز بمحاذاة الطابق الخامس لمنشأة الجمرات الحديثة، وزاد «يمر القطار وسط طريق الملك عبدالعزيز مرتفعا عن الأرض في مشعر منى إلى مزدلفة ومنها إلى عرفات على الطريق رقم ثلاثة قبل أن ينتهي عند المحطة الثالثة في مشعر عرفات عند الدائري الشرقي. وبين أن هذا المسار يشتمل على تسع محطات مرتفعة عن الأرض في كل مشعر ثلاث محطات يبلغ طول المحطة حوالي 300 متر ويتم الوصول إليها عن طريق منحدرات للدخول والخروج منفصلة، إضافة إلى سلالم متحركة ومصاعد كهربائية وبكل محطة ساحتين لانتظار الحجاج تستوعب كل واحدة منها ثلاثة آلاف حاج، ومزودة بكل وسائل السلامة وتلطيف الجو بالإضافة إلى ساحة انتظار أسفل المحطة يتم تفويج الحجاج إليها تباعا. وبين أن عدد القطارات التي ستعمل على الخط عشرين قطارا، وكل قطار يسحب اثنتي عشرة عربة بطول 300 متر، وتتسع كل عربة ل 250 حاجا على الأقل بحيث ينقل القطار الواحد ما لا يقل عن ثلاثة آلاف حاج منهم 20 في المائة جلوسا، و80 في المائة وقوفا وفقا للمعايير الأوروبية المستخدمة في أنظمة القطارات. وذكر أن الطاقة الاستيعابية للقطار تبلغ 72 ألف حاج في الساعة لمواجهة الطلب على النقل في النفرة من عرفات إلى مزدلفة، ومن مزدلفة إلى منى بحيث يمكن نقل حوالي نصف مليون حاج خلال ست ساعات فقط، مؤكدا أن هذه تعد أعلى طاقة قطار في العالم حيث تتراوح سرعة القطار ما بين 80 120 كم في الساعة . «عكاظ» في المقصورة «عكاظ» التي تعد أول صحيفة محلية تتجول داخل القطار، دخل فريقها الصحافي إلى مقصورة القيادة التي كانت تحتوي على ثلاث شاشات عرض إلكترونية يمكن للسائق من خلالها الارتباط بمركز المراقبة والتحكم، كما يمكنه مراقبة الركاب من خلال 52 كاميرا مراقبة تشمل كافة أجزاء القطار، وكذلك يمكنه توجيه أي نداء صوتي من خلال نظام صوتي متطور جدا، وترتبط المقصورة بكافة محطات التوقف التي يمكن من خلال الربط الإلكتروني تمرير أي معلومات مهمة للركاب، فيما يمكن للركاب مشاهدة ما يدور في الخارج من خلال شاشات العرض الجانبية المنتشرة في كافة العربات . شاشات عرض يواصل المهندس الصيني شرح كافة تفاصيل القطار أثناء رحلتنا معه فيقول: «القطارات تتحرك آليا بدون سائق وسيكون السائق للمراقبة والتحكم في حالات الطوارئ فقط مع قدرة التحكم الآلي في القطار على السيطرة تماما على سرعة القطار والفرامل والأبواب، كما أن نظام نقل المعلومات قادر على تقديم المساعدة للسائق لرصد حالة القطار علاوة على أن درجة الحرارة في مقصورة الركاب لا تتجاوز 24 درجة مئوية». وأضاف يمكن للحجاج أن يحصلوا على المعلومات الضرورية عن طريق أجهزة فيديو أو نقل صوتي من مركز التحكم والتشغيل مع وجود دوائر تلفزيونية، ووحدة تسجيل وإرسال وكاميرات للمراقبة ونظام مراقبة. محطات الانتظار وخلال الجولة داخل القطار رصدت «عكاظ» عشرة تقاطعات خاصة عند الطرق الرئيسة بفتحات بعرض 50 إلى70 مترا لضمان انسيابية الطرق القائمة مع تصميم رصيف المحطة بحيث يشتمل على ثلاث مناطق منطقتا انتظار يفصل بينهما باب أوتوماتيكي ومنطقة وصول من الجهة المقابلة, ويبلغ طول المحطة 300م تقريبا وملحق بها مبنى الإدارة والتقنية في نهاية الرصيف مما يجعل إجمالي الطول حوالى 340 مترا إضافة إلى وجود ستة منحدرات للدخول وستة منحدرات للخروج بعرض 4م لكل منحدر عدا محطة الجمرات الرئيسية التي يتم الوصول إليها والخروج منها بواسطة جسور يبلغ عرض الواحد منها حوالى عشرين مترا مع وجود 16 مصعدا في كل محطة سعة كل مصعد 50 شخصا مع تزويد جميع المحطات بكافة أنظمة السلامة والحماية بما في ذلك سلالم ومخارج الطوارئ حسب أعلى المواصفات والمعايير الهندسية العالمية وتزويدها بالتكييف الصحراوي وتغطية المحطات بأسقف من مادة التفلون غير القابلة للاحتراق وهي نفس المادة المستخدمة في مشروع الخيام بمشعر منى. ورش الصيانة عن مهام محطة التخزين يقول المهندس ديفيد فو: تقع محطة تخزين القطارات وورش الصيانة في نهاية المسار من جهة عرفات شرق طريق الطائف وتبلغ المساحة الإجمالية للموقع حوالى 632,000 م2 ويحتوي الموقع على مبنى مركز التحكم والتشغيل والمبنى الإداري ومستودع تخزين القطارات وورشة الصيانة الخفيفة وورشة الصيانة الثقيلة وورشة غسيل وتنظيف القطارات ومبنى سكن العاملين ومستودعات المواد وقطع الغيار. فريق سويدي للتقييم في داخل عربات قطار المشاعر يعمل فريق سويدي على تقييم أنظمة التشغيل، حيث يؤكد مهندس الأنظمة بيني جوهانسون، وكذلك خبير التقنية السويدي ميتشل قراجيك أنهما جزء من فريق عمل متكامل يعمل على تقييم كافة الأنظمة المشغلة للقطار، لمعرفة مدى فاعليتها للخدمة، وذكرا أنهما بدآ العمل قبل خمسة أيام وسيستمر لمدة اسبوعين مقبلة, وأوضح أن فريق العمل يعكف على تحليل كافة البيانات الحاسوبية للمشروع، الذي يمثل نقلة نوعية في المملكة فهو قطار يحوي تقنية متقدمة ويوفر وسائل سلامة راقية . وجزم فريق العمل السويدي أن رحلات القطار التجريبية بين المشاعر المقدسة لم تسجل أي قلق تجاه العمل، فالتجارب الأولية مطمئنة،. 16 خبيراً وفي نهاية الجولة وعندما كانت عقارب الساعة تشير إلى السادسة والنصف كان وكيل وزارة الشؤون البلدية والقروية الدكتور حبيب زين العابدين في سلسلة اجتماعات متتالية مع خبراء دوليين يشرفون على المرحلة التجريبية للمشروع، وضم الاجتماع نحو 16 خبيرا من كافة دول العالم, وضم فريق الخبراء مدير شركة سيسترا الفرنسية الدكتور محمد كاشاني، الاستشاري الألماني D.P.I من المؤسسة الألمانية للقطارات، شركة سمنز لأعمال الطاقة، شركة وستجلهاوس لأعمال الأبواب المتحركة في المحطات وشركة تالس لأعمال الإشارات الضوئية إلى جانب مدير المشروع المهندس فهد أبو طربوش. حيث استمر الاجتماع قرابة ساعتين استعرض كل فريق ما لديه من تقارير ميدانية حيال المرحلة التجريبية للقطار قبل دخول موسم العمل في الحج . مصمم المشروع مدير شركة سيسترا الفرنسية الدكتور محمد كاشاني أكد أن المشروع أحد أهم المشاريع في العالم، وتكمن أهميته في كونه يربط المشاعر المقدسة، وأضاف «أشعر بالفخر كوني مسلم وأشاهد هذه العناية الفائقة من حكومة خادم الحرمين الشريفين بالمشاعر المقدسة», وزاد «عملنا في ظروف صعبة فالطبيعة الجغرافية للمشاعر المقدسة تعد نقطة مهمة إلى جانب حرص القائمين على المشروع من مسؤولي المملكة على اختيار مواقع محددة لخط السير والمحطات حرصا منهم على عدم شغل مساحات من المشاعر المقدسة، وهذا يمثل لنا تحديا في التصميم». ونبه إلى أن الشركة قطعت نصف مراحل الإنشاء حيث سيتم العام المقبل، إكمال المشروع الذي سيظل حديث كل الناس بعد اكتماله وسيجد قبولا وإقبالا من الحجاج لاستخدام القطار في النقل لأنه سينهي مشكلة الزحام المروري في الحج, وأوضح أن من يحاربون المشروع أو يقللون من قدراته وإمكانياته فهم "يستمعون في الرفاة على السواحل الدافئة والقصور العالية، أولئك في أبراج عاجية لا تعرف الميدان العملي». وخلص كاشاني إلى القول: «أصحاب الشائعات الذين يروجون عن سوء قطار المشاعر لا يهمونا، لقد عملنا مقارنة بين قطار المشاعر وبين عشرة قطارات في العالم من ضمنها قطارات في باريس ولندن وهونج كونج ومدريد وكوبنهاجن ودبي وأثينا ونيودلهي وفرانكفورت وهامبورج وبانكوك وطهران وبكين وشنتشن ولم نجد بينها فرقا يذكر لا من حيث التصميم أو الأداء، هؤلاء المنتقدون لم يزوروا المنجز الضخم ولم يقفوا عليه وكان حكمهم غيابيا وهذا أمر يولد الإحباط ولكن للحقيقة لم أجد كل موجة الانتقاد هذه قد أتت أكلها مع مسؤولي الوزارة». مللنا حملات الاستهداف وكيل وزارة الشؤون البلدية والقروية الدكتور حبيب زين العابدين أكد أن الوزارة على أهبة الاستعداد لإكمال أعمال المشروع الذي يعمل على إنجازه نحو 25 ألف عامل على مدار الساعة لإكمال الأعمال المكلفين بها قبل نهاية شهر ذي القعدة. وأضاف نحن نعمل في صمت لا نلتفت لكل ما حولنا من ضجيج إعلامي فقد تعودنا هذه الحملات المغرضة، في كل مشروع نطلقه في المشاعر «تقوم الأرض ولا تقعد قبل وأثناء العمل، وعندما ننتهي تتحول حربهم تلك إلى سلم ومحبة وثناء، لدينا المناعة المطلقة. وأبان «في هذا العام سوف يظهر للقطار أثرا إيجابيا على الحركة المرورية خاصة مع تطبيق المرحلة الثالثة من مشروع النقل الترددي الذي تنفذه وزارة الحج بالتعاون مع مؤسسات الطوافة، وسوف تنتهي مشكلة المشاعر مع الازدحام المروري في موسم حج العام المقبل بعد استكمال المشروع حيث من المتوقع أن يسهم القطار في نقل نصف مليون حاج، كما سيسهم في عزل قرابة 30 ألف سيارة ومركبة مما يخفف الضغط المروري على الطرق في كافة أنحاء المشاعر المقدسة ويحل مشكلة الازدحام على الأقل في المدى القريب, وأضاف «قد نحتاج في المدى البعيد خطا جديدا للقطار في وسط المشاعر وفي الجهة الشمالية لأن القطار يعد الوسيلة الأسرع في نقل هذه الأعداد الكبيرة من الحجاج في أوقات قياسية». وعن المرحلة الثانية من المشروع قال «تشمل إيصال القطار إلى الحرم المكي الشريف وهناك دراسة لربطه بقطار الحرمين كما أن وزارة الشؤون البلدية أجرت دراسات حول الاستفادة من قطار المشاعر في أوقات الذروة في مكةالمكرمة لإيصال الحجاج و المعتمرين والمصلين من مطار الملك عبدالعزيز في جدة إلى الحرم المكي والعودة بهم مرة أخرى».