أمهل المجلس الوزاري للجامعة العربية الحكومة السورية حتى الساعة الواحدة بعد ظهر اليوم الجمعة وذلك لتوقيع البروتوكول المتعلق بإيفاد بعثة مراقبين تابعين للجامعة الى سوريا وإلا تعرضت لعقوبات اقتصادية قالت مصادر عربية ل «المدينة»: إنها قد لا تشمل في المرحلة الاولى حظرًا للرحلات الجوية أو على البنك المركزي السوري. أكد ذلك الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي أمس دون أن يوضح ما إذا كان تحديد موعد للتوقيع يعني أن سوريا وافقت على صيغة البروتوكول التي سيتم توقيعها أم لا. في سياق آخر أقر وزير الاقتصاد السوري محمد نضال الشعار أن سوريا تعاني من أسوأ أزمة اقتصادية مرت عليها منذ سنوات عدة، إلا أنها ستحاول تجاوزها عير تحقيق تقدم في مجال الاكتفاء الذاتي. وأكد الوزير السوري «أعتقد أنها أسوأ أزمة نمر بها في تاريخنا؛ لأنها تمس مباشرة المواطن ورجل الشارع والمصانع وبيئة الأعمال، إنها تصيب الجميع وهذا ليس عادلا». وأضاف الوزير السوري «إن استمر الوضع على هذه الحال، فإن الأمر سيصبح تعيسًا وسيؤدي بالتأكيد إلى أضرار جمة على سوريا». وأعرب الوزير الشعار (54 عامًا) الذي درس في الولاياتالمتحدة حيث نال شهادة الكتوراة في الاقتصاد النقدي، عن شكوكه في اتخاذ قرار العقوبات بالإجماع بين البلدان العربية. وقال: «إني شبه متأكد من أن البعض لن يوافق على ذلك». من جهة أخرى قتل مدنيان برصاص قوات الامن السورية امس في مدينة حمص (وسط)، في حين شهدت مدينة اخرى في محافظة مجاورة اشتباكات بين الجيش وعناصر منشقة عنه اعقبها قصف للمدينة بالرشاشات الثقيلة، كما افاد مصدر حقوقي، فيما اقر وزير الخارجية الفرنسي آلان جوبيه امس بان اقامة «ممرات انسانية» في سوريا دونه شروط عديدة منها خصوصا موافقة النظام والحصول على تفويض دولي. وقال المرصد السوري لحقوق الانسان في بيان: «استشهد في مدينة حمص مواطن برصاص قناصة في حي البياضة كما استشهد آخر باطلاق رصاص خلال مداهمات في حي كرم الزيتون». واضاف ان «ذوي شاب اعتقلته القوات الامنية منذ ايام تسلموا جثمانه صباح (امس) في الحولة» في محافظة ريف حمص. كما اكد المرصد امس ان «مدينة الرستن تشهد قصفا بالرشاشات الثقيلة اعقب اشتباكات بين الجيش النظامي وعناصر منشقة عنه»، مشيرا الى ان الاشتباكات «جرت بين الساعة الخامسة والسادسة صباحا». وتتحدث اوساط المعارضة السورية عن حدوث انشقاقات في الجيش النظامي السوري اثر استخدام السلطات السورية للعنف في قمع الحركة الاحتجاجية التي اندلعت في البلاد منذ منتصف مارس الماضي ما اسفر عن سقوط اكثر من 3500 قتيل بحسب حصيلة للامم المتحدة. من جهتها تتهم السلطات السورية «عصابات ارهابية مسلحة» بارتكاب اعمال عنف في البلاد. وكان المرصد افاد فجر امس ان «مواقع في محيط بلدتي البارة واحسم في جبل الزاوية بمحافظة ادلب (شمال غرب) تعرضت لقصف بالرشاشات الثقيلة، في حين هزت انفجارات بلدتي ابلين وابديتا المجاورتين، كما افاد المرصد. واضاف في بيان لاحق ان «اصوات الانفجارات هزت قريتي ابلين وابديتا بجبل الزاوية مع استمرار القصف بالرشاشات الثقيلة من قبل قوات الجيش السوري في بلدتي البارة واحسم باتجاه الاحراج المجاورة لهما». وتأتي هذه التطورات غداة يوم دام شهد مقتل ثمانية مدنيين برصاص قوات الامن في مناطق سورية عدة، بحسب حصيلة جديدة اوردها امس المرصد السوري لحقوق الانسان مؤكدا في الوقت نفسه حصول حملات اعتقال شملت عشرات المعارضين لنظام الرئيس بشار الاسد. وقال المرصد في بيان امس: «ارتفع الى عشرة عدد الشهداء المدنيين الذين انضموا يوم الاربعاء الى قافلة شهداء الثورة السورية»، موضحا ان ثمانية من الضحايا قتلوا في الحال واثنين توفي احدهما متأثرا بجروح اصيب بها سابقا والآخر قضى في المعتقل. وأوضح المرصد الذي يتخذ من لندن مقرا له ان القتلى الثمانية الذين سقطوا امس الاول برصاص قوات الامن «بينهم اثنان في مدينة حمص (وسط) في اطلاق رصاص، وثلاثة شهداء في بلدة طفس في محافظة درعا (جنوب) اثر اطلاق رصاص خلال مداهمات، وشهيد في بلدة تفتناز بريف ادلب (شمال غرب) بانفجار قنبلة، وشهيدان في ريف حماة (وسط) خلال مداهمات». ويضاف الى هذه الحصيلة «شهيد سلم جثمانه الى ذويه في مدينة حمص بعد ايام من اعتقاله» و»شهيد قضى في بلدة الحارة بمحافظة درعا (جنوب) متأثرا بجراح اصيب بها قبل ايام». كما اكد المرصد ان «السلطات الامنية السورية اعتقلت العشرات في ريفي دمشق وحماة ومدينتي حمص ودير الزور (شرق)». الى ذلك، اقر وزير الخارجية الفرنسي آلان جوبيه بان اقامة «ممرات انسانية» في سوريا دونه شروط عديدة منها خصوصا موافقة النظام والحصول على تفويض دولي. وصرح الوزير لاذاعة فرانس انتر غداة اجتماعه ببرهان غليون رئيس المجلس الوطني السوري، الذي يضم غالبية تيارات المعارضة في سوريا، ان «المجلس الوطني السوري قال لي لا بد ان تقترحوا ممرات انسانية لان هناك مشكلة انسانية اليوم بسبب ندرة السلع الاساسية». واوضح ان هذا الموضوع سيبحث مع كل من الاممالمتحدة والاتحاد الاوروبي والجامعة العربية «لنرى كيف يمكننا اقامة ممرات انسانية» ولان «ذلك يعني، كما فعلنا في ليبيا، اقامة ممرات تمكن المنظمات الانسانية، كالصليب الاحمر مثلا، من ارسال الادوية». واضاف الوزير الفرنسي ان «ذلك يقتضي امرين محتملين: الاول ان يتوصل المجتمع الدولي والاممالمتحدة والجامعة العربية الى الحصول من النظام على موافقة باقامة تلك الممرات الانسانية، وقد حصل هذا في اماكن اخرى». وتابع «اذا لم يحصل ذلك فيجب النظر في حلول اخرى. من الممكن حماية القوافل الانسانية (عسكريا) لكننا لم نصل الى هذا الحد»، مشيرا الى ان هذه الحماية «من مراقبين دوليين» سبق وان حصلت في ليبيا. وذكر جوبيه بانه «بالنسبة لنا لا يمكن التدخل، حتى لو كان التدخل انسانيا، بدون تفويض دولي بطبيعة الحال»، مجددا التاكيد على ان الخيار العسكري الدولي في سوريا ليس مطروحا الان. واقترحت الجامعة العربية مؤخرا على دمشق ارسال بعثة من 500 مراقب الى سوريا من منظمات حقوق الانسان ووسائل الاعلام والمراقبين العسكريين للتأكد من حماية المدنيين في المناطق التي تشهد اعمال عنف. لكن هذا الاقتراح لم يلق طريقه الى التنفيذ بعد ان طلبت دمشق تعديل بروتوكول التعاون مع الجامعة العربية حول هذه البعثة، وهو ما رفضته الجامعة نهاية الاسبوع الماضي.