«إهمال يحرق براعم الوطن».. «براعم جدة.. موعد مع الذعر والموت».. «مَن خلف الكارثة؟ ماتت ريم وغدير»..! هذه عناوين يوم الأحد لصحف «المدينة»، و»الوطن»، و»عكاظ» تصف حالة حريق مدرسة «براعم الوطن» الأهلية، الذي ذهب ضحيته حتى كتابة هذا المقال وفاة معلمتين، وإصابة (46) طالبة ومسؤولة. ليس سهلاً وصف ما حدث، فيوم السبت ومساؤه عاشت جدة كلها حالة «ذهول»، وعاشت كثير من أسرها حالة «رعب»، فعبر أجهزة البلاك بيري، والفيس بوك، والإنترنت كان حادث الحريق ينقل أولاً بأول، وبصور من داخل المدرسة.. بناتي أصابهن «ذعر» يفوق الوصف، شفقة على زميلاتهن في المدرسة، وأهاليهن، وشعرت وأنا بعيد عنهن في الجامعة من خلال رسائلهن، واتصالاتهن، وكأنهنّ في وسط «رعب» المدرسة المشتعلة. هكذا حال.. كم من الأسر عاشته لمَن بناتهم في «رعب الحريق»؟! وكم من الهلع أصاب كلّ مَن كانت له قريبة أو ابنة فيها؟. عشرات الأسئلة تُثار، وستبقى مثارة، ولكن هل ستجد الإجابات الشافية الوافية؟! نحن لا نتحرّك إلاّ مع حدوث «الكارثة»، كما حصل مع مدرسة البنات المتوسطة في مكةالمكرمة شرفها الله.. لكن أن تكون لدينا خطط لمواجهة هكذا كوارث، أحسب أنها غير موجودة، وإلاّ لما حدثت كارثة مدرسة «براعم الوطن» بمثل ما حدثت..! المدرسة وقد زرتها صباح الأحد اليوم التالي للحريق على شارع رئيسي كبير، وأمامها مساحة أرض فارغة، ومبناها كبير مؤسس ليكون مدرسة، وليس منزلاً، أو فيلا مستأجرة كحال غيرها.. وهذه كلها عوامل تساعد في عمليات الإنقاذ والإخلاء.. لكن هل اتّبعت وسائل السلامة في المبنى؟ وهل هناك مخارج للطوارئ كافية، وسهل الوصول إليها؟. * من خلال الصور التي نشرتها الصحف كانت نوافذ الفصول السفلى «مشبّكة» أي مسيّجة بحديد، وهو ما يمنع خروج الطالبات في حالة «الكارثة»، ولا أدري لذلك سببًا؟ والنوافذ العلوية كما شاهدتها صباح الأحد بعضها مهشم الزجاج، والآخر سليم كما هو، ما يدل على أن عملية الإنقاذ لم تتم بصورة جيدة، فمن المفترض، أو هكذا أؤمن أن يتم خلع النوافذ كاملة لتسهيل إنقاذ الطالبات المحتجزات، ولإحداث ممرات هوائية لإخراج النار، والدخان؛ لعدم اختناق الطالبات. * ما حدث «كارثة»، و»رعب»، خلفه إهمال ونفوس ضعيفة لا تعرف معنى لقيمة الروح البشرية، ولن يعيد لها الرشد، ولن يعوّض الأهالي، ولن يوقف، أو يخفف هكذا كوارث إلاّ حزمٌ بقوة «الرعب» و»الفقد» الذي أحدثه الحريق.