بعد مرور 12 عاما على طرح العملة الاوروبية الموحدة ، يواجه الاوروبيون مصيرا صعبا في قارتهم العجوز ، فهم لايزالون تحت الاضواء الاعلامية منذ منتصف عام 2010 عندما ظهرت مشكلة الديون اليونانية التى سلطت الاضواء على قضية الديون الأوروبية بشكل عام .. كيف نشأت هذه المشكلة ومن المتسبب فيها ؟ القوائم المالية للدولة تشبه الى حد كبير مثيلاتها في الشركات التجارية ، فهى عبارة عن أصول وخصوم ، ايرادات ومصروفات ، وعندما تزيد الايرادات على المصروفات يحدث ربح أو فائض ، وعندما تزيد المصروفات على الايرادات يحدث عجز .. القارة العجوز منذ فترة طويلة من الزمن انخفضت فيها معدلات النمو بدرجة كبيرة بسبب انتقال العملية الانتاجية من الغرب الى الشرق ، وهذا يعنى ان ايرادات الدولة من الضرائب ستكون ضعيفة ، في المقابل ارتفع حجم مخصصات الدول الاوروبية للرعاية الاجتماعية ومعاشات التقاعد بسبب ارتفاع معدل عمر الانسان في تلك القارة وانخفاض عدد الشباب القادرين على العمل مما ساهم فى زيادة مصروفات تلك الدول .. لكن الازمة المالية العالمية فاقمت من مشاكل القارة الاوروبية، فتعرضت الكثير من المؤسسات المالية وشركات القطاع الخاص للخسائر والافلاس مما تسبب في انخفاض إيرادات الدولة من الضرائب ايضا ، وتسبب في تقديم الحكومات الاوروبية لحزم إنقاذ ومساعدات كبيرة للشركات المالية والخاصة وهذا تسبب في ارهاق ميزانيات تلك الدول التى بدأت تحقق عجزا في الميزانية تم تعويضه بزيادة الاقتراض وزيادة الدين .. كذلك اختلال التوازن في أسواق الصرف والحرب الاقتصادية بين الولاياتالمتحدة والصين ساهم في هبوط الدولار لمستويات متدنية وارتفاع اليورو في المقابل مما خلق اختلالا في الميزان التجارى الاوروبي مع الكثير من الدول ، حيث اصبحت الصادرات الاوروبية ضعيفة بسبب ارتفاع اسعارها عالمياً والواردات الى الاتحاد الاوروبي اصبحت كبيرة لان السلع المستوردة اصبحت اكثر رخصاً مما ساهم فى ضعف إنتاجية المصانع الاوروبية ، وأدى الى تقلص الانتاج وتسريح الكثير من الموظفين لتصل نسبة البطالة في اوروبا الى حوالى 11% ، والبطالة في الغرب تعنى ان الدولة تنفق على العاطل عن العمل مما يؤدى الى مزيد من الاستنزاف لميزانيات تلك الدول .. حجم الدين في دول منطقة العملة الاوروبية اليورو (17 دولة) بلغ 85% بنهاية عام 2010 مما يعنى ان اتفاقية ماسترخت الاوروبية التى بنيت على أساسها العملة الموحدة قد تم تجاوزها في المتوسط ، حيث نصت الاتفاقية على عدم تجاوز الدين العام لأي دولة في الاتحاد حاجز 60% من ناتجها المحلى .. وهكذا تصبح أوروبا منطقة أزمة اقتصادية ومالية جديدة قد تنفجر في أي لحظة .. *خبير اقتصادي ومحلل مالي